1/15/2025 2:36:50 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
طه العامري
عن أزمة( الذات) و(ذاتية) الأزمة..؟! كتب/طه العامري..
1/25/2023
تختزن تجاويف النفس روزنامة من الأحلام والأماني التواقة للانعتاق من براثن الأسر، غير أنها تصدم بتداعيات واقعية مطوقة بأسلاك القهر والانكسار.. بين المخزون النفسي وما يعتمل في الواقع مساحة من الأجداب تتسع مع كل لحظة انكسار تلقى بشظاياها في أعماق الوعي لتشكل بها جدران اليأس التي تصنع بدورها تضاريس أزمة (ذاتية) تستوطن (ذاكرة الفرد) قبل أن تتوسع بخياراتها الانكسارية لتسيطر على (ذاكرة المجتمع)..!! تؤغل قوانين المرحلة في فرض استحقاقاتها البائسة فتغدو العلاقة الجدلية بين (أزمة الذات) و (ذاتية الأزمة) عنوان الواقع وهويته في تناغم كلي يربط أزمة الفرد بأزمة مجتمع، لتتماهي أزمة الفرد مع أزمة المجتمع، ليحتل الشعور بالانكسار هويته الجمعية، ليكون التسليم بحقائق كل هذه المعطيات فعل طبيعي يذهب الجميع بصورة فردية وجماعية بالتعايش مع الواقع والقبول الطوعي بكل مخرجاته وصوره الانكسارية..!! ظواهر خاض في تفاصيلها الكثيرون من اباطرة (علم النفس) وعباقرة (علم الاجتماع)، كما خاض فيها مفكرون وعلماء السياسية وفلاسفة الفكر الإنساني ولم يغفلها حتى علماء الأديان، ومع ذلك تظل الظاهرة محكومة بوعي المجتمعات ومرتبطة بخصائصة المادية والحضارية والعقائدية، وفيما تلعب القيم والمعتقدات الدينية دورا في تشكيل هذه الظواهر ورؤية أصحابها، غير أن التفسيرات المادية تلعب دورا مؤثرا في تشكيل قناعات العامة ورؤيتهم لازماتهم الفردية والجماعية خاصة في ظل طغيان القيم الاستلابية التي يتم تسخيرها لتطويع العامة عبر الوسائل المستخدمة (روحية) كانت أو (مادية)..!! فالسائس (الروحي) الذي يسعى لترويض المجتمع عبر اخضاعه من خلال استغلال مشاعره وعواطفه الدينية وإقناعه بأن كل ما هو فيه (قدرا مكتوب له) ولا مفر من القبول والرضاء بما كتبت له الأقدار، فيما (السائس المادي) يرى أن من يمتلك القوة يمتلك كل مقومات الرفاهية والتقدم الحضاري، والرويتان يجانبهما الصواب، ولا يعكسان حقيقة ما يعتمل في الواقع على صعيد الفرد والمجتمع..!! روحيا فإن كل أديان السماء تدعوا إلى مكارم الأخلاق، والي قيم الحق والعدل، وماديا فإن (الحق فوق القوة) و(الحق هو الله) الذي أوجد الكون بما فيه وفق نواميس دقيقة، وجعل القوة قابلة للافول والزوال مهما دامت وتعاضمت، و جعل (الحق) راسخا وثابتا غير قابل للانتقاص والأستلاب والتهميش ومنه اشتقت (الحقيقة).. بيد أن ( أزمة الذات) إذا ما اتسع نطاقها الاجتماعي، فإنها تصنع بدورها (ذاتية الأزمة) فيصبح المجتمع بأسره (مأزوم) ويعاني من حالة اجداب وعجز وفشل في تطويق ازماته الخاصة والعامة، فتصبح (هوية) هذا المجتمع عرضة للاستهداف ومسرحا لجلد الذات، وفي واقع كهذا يواجه هذه المخرجات الازماتية يصبح التعايش المجتمعي هدفا بعيد المنال وان تحقق بفعل عوامل وأسباب متداخلة الأبعاد، فإن ذلك لا يعد أن يكون شكل من أشكال المسكنات المرحلية (لوجع) قد يعود أكثر إيلاما إذا ما انتهى مفعول المسكن المرحلي وعادت الظواهر الازماتية تفرض نفسها خاصة إذا ما اختلت التوازنات الاجتماعية بغياب معيار العدل الاجتماعي وغياب قيم الهوية والانتماء..؟! أن أزمة الفرد هي حصيلة طبيعية لأزمة مجتمع، وأزمة اي مجتمع هي نتاج طبيعي لفقدان هذا المجتمع لهويته ولكل معائر الانتماء وأيضا فقدانه لقيم روحية وثقافية وحضارية شكلت على مدى قرون عنوان استقراره الهش وهو الاستقرار الذي نسفته منظومات الأزمات التي برزت وأتسعت بغياب معيار العدل الاجتماعي الذي غاب بدوره على خلفية غياب قيم روحيه وحضارية واخلاقية، قيم غابت ليس عن الذاكرة الفردية المقهورة أو الذاكرة الجماعية المستلبة، بل غابت عن أولئك الذين سيطروا على مفاصل (الحاكمية) التي بدورها انبثقت من واقع مأزوم فجات حاملة لميكروب أو فيروس الأزمة، لتمارس بدورها دورا غذا( أزمة الذات) وجعلها ترسخ ( ذاتية الأزمة) ليغدوا الوطن بكل مقوماته يعيش في أتون ( أزمة كلية) يصعب تشخيص أسبابها لأن أبطالها وضحاياها معا يتقاذفونها ويحاولون التملص منها ومن تبعاتها وكل طرف يلقى بمسئوليتها على الآخر ويبرئ نفسه منها وفق فلسفة نرجسية يعجز (ابن خلدون) عن تحليلها فيما لو قدر (لكارل ماركس) العودة للحياة لتبراء من منهجه المادي وغير كل أفكاره التي حاول أن ينتصر فيها لرغبات (المخلوق) على حساب إنكار قوانين ورغبات (الخالق)..!