1/15/2025 2:39:57 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
طه العامري
الإعلام الغربي _الأمريكي : مهنية ( العار والانحطاط)..؟! كتب/طه العامري..
2/13/2023
لعقود طويلة ظل (الإعلام في أمريكا والمنظومة الغربية) يحتل مكانة متقدمة في وجدان وذاكرة المتلقي باعتباره (إعلام حر ، وديمقراطي، وشفاف، وصادق، ومعلوماته مؤكدة) وكان المتلقي العربي ربما أكثر من يشده الإعلام الغربي _الأمريكي، وحتى البسطاء من العرب كانوا مبهورين باذاعتي (لندن، وصوت أمريكا) و يصدقوا كل ما تبثه هذه المنابر الإعلامية وكان ما يصدر منها وما تبثه من أخبار يندرج لمرتبة (التقديس) الغير قابل للانتقاص..؟ هذا الاعتقاد بما يسوقه الإعلام الغربي _الأمريكي لدى المتلقي العربي لم يقتصر على العامة من أبناء الأمة العربية وحتى الإسلامية، بل انخدعت به الأنظمة ورموزها والنخب السياسية والثقافية، لدرجة ان احد (الملوك العرب) كان يبدأ يومه بالاستماع (لراديو لندن.. وصوت أمريكا) وقيل إن هذا (الملك) كان يصدق هذه الإذاعات أكثر مما يصدق اذاعته التي تبث اخباره وتسبح بحمده..! قليلون في هذه الأمة من كانوا على يقين بأن الإعلام الغربي _الأمريكي إعلام موجه يخدم مصالح وخطط من يموله باعتبار هذه الوسائل الإعلامية جزءا من إستراتيجية (الدبلوماسية الناعمة) التي تعد إحدى أدوات المحاور الاستعمارية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية وتنفيذ مخططاتها التأمرية ضد العرب والمسلمين..؟! لكن لم يكن لهؤلاء القلة قدرة على إقناع الغالبية المشدودة للإعلام الغربي.. الأمريكي. حتى أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قال ذات يوم من أيام حكمه :أنني حريص على الاستماع لاذاعتي لندن وصوت أمريكا، فإن سمعت هجومهم عليا اعرف اننا أسير في الطريق السليم، وان سمعت إطراء من قبلهم أدرك أنني عملت شيئا لصالحهم فاعيد مراجعة مواقفي).. ورغم أن هذا التصريح صدر من قائد بحجم عبد الناصر إلا أن أحدا لم يتوقف أمامه، بل ظل الأنبهار بما يبثه الإعلام الغربي.. الأمريكي يشد المتلقي العربي والإسلامي، وكان المثقف العربي والإعلاميين العرب يتسابقون وبحماس للانتماء لهذا الإعلام، والالتحاق بركبه، ومن يحضي بفرصة عمل في أي وسيلة إعلامية غربية وامريكية يرى نفسه وكأنه دخل (جنة الله) من أوسع الأبواب..!! قناعات أثرت بصورة سلبية على أداء الإعلام العربي وانعكست بفقدان الإعلاميين العرب ثقتهم بأنفسهم وباعلامهم وخطابهم الإعلامي، مع سيطرة الأنظمة العربية بدورها على هذا القطاع ومخرجاته ودوره وطريقة أدائه، فضاعف هذا السلوك من تحجر بل وجمود هذا القطاع الحيوي في مسار الأمة وتحولاتها، فزاد هذا الأمر من ترسيخ قناعات المتلقي العربي بمصداقية ونزاهة وحيادية الإعلام الغربي.. الأمريكي، واعتبار كل ما يصدر عنه (وحيا يوحي)..؟! بذات القدر الذي ظل فيه الإنسان العربي بكل نخبه وشرائحه مبهورا بحياة الغرب وحريته وديمقراطيته، وبكل الشعارات التي تصدر من المنظومة الغربية عن حرية الرأي وحقوق الإنسان، وعن قوانين الغرب وعدالتهم وقضائهم الذي صوره البعض من المنبهرين وكأنه أكثر عدلا من (الشريعة الإسلامية)..؟! الأمر لم يتوقف في حدود الإعجاب والأنبهار العربي _الإسلامي بالإعلام الغربي وحسب، بل راحت بعض النخب العربية تعمل على استنساخ قيم وقوانين وتشريعات الإعلام الغربي والبدء في تطبيق ذلك على أداء الإعلام العربي _الإسلامي ودوره ورسالته الحضارية، تحت ذريعة التطور والتقدم والارتقاء المهني وتحديث رسالة المهنة ومنتسبيها، ولم تبخل وسائل الإعلام الغربية _الأمريكية في تقديم منح إعلامية ودورات تأهيلية لبعض الإعلاميين العرب والمسلمين وتدجين رسالتهم المهنية وفق مخطط منهجي عنوانه (الحيادية المهنية)..؟! حيادية مهنية، تعني أن يتجرد الإعلامي العربي والمسلم من كل مشاعر الولاء والانتماء لقضايا أمته ومعتقداتها، وان يتعاطى مع رسالته مهنيا بعيدا عن العواطف، اي ان يتحول هذا الإعلام العربي إلى مجرد (ريبوت) أو آلة مهمته نقل الحدث كما تريد الجهة المشغلة لهذا الإعلامي التي بدورها تخضع لإرادة ورغبة مموليها..؟! قوانين مهنية فرضت تحت يافطة الحياد تلزمك كاعلامي عربي إذا أخذت تصريحا من( مسؤل فلسطيني)أن تأخذ تصريحا مماثلا من (مسؤل صهيوني) وان لم تفعل ذلك فأنت ليس مهنيا ولا محايدا، بل قد يتم وصفك باقذع الأوصاف ويقطع رزقك وربما لا تجد وسيلة إعلامية عربية تقبل بتشغيلك..؟! بيد أن ثمة تحولات وتطورات وإحداث أدت في مجملها إلى فضح الإعلام الغربي _الأمريكي وفضح اكاذيبه وحريته الزائفة وحياديته ومهنيته وديمقراطيته، إذ سقطت كل هذه المزاعم والشعارات المظللة ولكن للأسف حدث هذا بعد أن تمكن الإعلام الغربي _الأمريكي من إيجاد وسائله وأدواته ومنابره الإعلامية في فضائنا العربي الإسلامي الذي يؤدي رسالة مهنية نيابة عن الاعلام الغربي _الأمريكي، الأمر الذي يضع الأمة وشرفائها وأحرارها أمام تحديات المواجهة في معركة فكرية وثقافية تعيد الإعلام العربي لمساره وتربطه بقضايا أمته الوجودية، وتعيد تنقية مفرداته وتصحيح خطابه ورسالته المهنية بما يتسق مع قضايا الأمة وحقوقها وقيمها الثقافية والفكرية والحضارية..