1/15/2025 2:34:33 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
طه العامري
أفول عصر ( السوبر باور)..؟! كتب/طه العامري
2/27/2023
(1) يقال ان (الغبي) هو الذي يخوض معركته مع خصم مجهول، لكن ثمة من هو اغبى من هذا (الغبي) وهو الذي يرتبط بعلاقة مع (الأقوياء) دون أن يكون ملما بكيفية حصول هؤلاء الأقوياء على عناصر ومقومات القوة التي يمتلكونها من ناحية، ومن الأخرى معرفة عوامل إمكانية وديمومة استمرار هذه القوة وأيضا معرفة أين تكمن نقاط الضعف فيه ..؟! تلعب القيم والثقافات والمعتقدات العقائدية والموروثات الحضارية والتاريخية دورا في تشكيل قيم وأخلاقيات الأمم والشعوب دون أن نغفل تأثير هذه العوامل على الفرد والمجتمع الذين يتأثرون ويؤثرون في بيئاتهم من خلال أنماط سلوكية هي في المحصلة تختزل هوية (الدولة) وقيمها وقوانينها وتوجهاتها الاستراتيجية المعبرة عن رسالة وأهداف وجودية لهذه الدولة أو تلك. ثمة مصطلح يقول ان ( الشرق والغرب) يسيران في خطان متوازيان لا يلتقيان ابدا، وبما أن التراكمات التاريخية والحضارية والتنوع الثقافي والموروثات الإنسانية تعد من العوامل التي تساهم في تشكيل هوية الدولة والمجتمع، الأمر الذي يجعل (الشرق) في حالة تضاد وتصادم مع (الغرب) ناهيكم عن تنافر أكثر صدامية وتطرف يشعر به (الشرق) تجاه (حضارة إمبريالية ) هجينة ولدت من رحم (الحضارة الغربية) وهي حصيلة أزمة عاشتها الحضارة الغربية، أسفرت في نهاية المطاف عن ميلاد (الولايات المتحدة الأمريكية) القائمة على فلسفة (مادية) ترتكز على فكرة (الدولة في خدمة الفرد) بعكس (مادية ماركس) التي ترتكز على فكرة (الفرد في خدمة المجتمع و الدولة في خدمتهما )..؟ لكن أي فرد هذا الذي تقوم الدولة بخدمته؟! قطعا ليس فردا عاديا يمكن أن يكون عالة على الدولة، إذ لا تحبذ دولة مثل أمريكا أن تكون في خدمة الأفراد العاديين الذين يشكلون المكون الاجتماعي الاستهلاكي، الذين تجبي منهم الضرائب، بل هي وجدت لتكون في خدمة الأفراد الاستثنائين الذين يملكون القدرات المادية ويشكلون مجتمعين منظومة الترويكا (الرأسمالية)، الذين يحركون بقدراتهم عجلة التطور والتقدم والتنمية، على قاعدة (دعه يعمل.. دعه يمر.. مادام يدفع الضرائب) أمريكا دولة تختلف عن أي دولة من دول العالم ذات الهوية الشرقية مثل روسيا والصين وهي بمعتقداتها وانماطها الحياتية والثقافية والسلوكية تختلف عن المنظومة الغربية التي ولدت من رحمها وهي تختلف عن كل دول الترويكا الأوروبية التي لا تزل تتمسك ببعض مظاهر القيم الليبرالية التي توازن بين قيم الرأسمالية وتعاليم (الكنيسة) فيما أمريكا تجاوزت فلسفة وقيم (النيو ليبرالية) بحداثتها الثقافية والتي جاءت تلبية لانهيار (الاتحاد السوفيتي ودول المعسكر الاشتراكي وحلف وارسو) واستجابة لاهداف الثورة التقنية التي اكتسحت الفضاءات الكونية أوائل العقد الأخير من القرن العشرين،والتي دشنت بها أمريكا قيم وثقافة العولمة واضعة نفسها كزعيمة للعالم الحر.. مسبوقة بتسويق فكرة (انتصار القيم الليبرالية) على القيم الاشتراكية التي كان يمثلها ويتبنيها الاتحاد السوفييتي ودول المعسكر الاشتراكي.. شعور ما كانت واشنطن لتشعر به لو كان تزامن سقوط جدار برلين بقيادة روسية مغايرة ( لجورباتشوف" والسكر بوريس يلتسن) الثنائي الذي بسبب غبائهما أو خيانتهما يحدث اليوم ما يحدث في أوكرانيا..؟! ( 2) سقوط دول المعسكر الاشتراكي دفع أمريكا إلى الاعتقاد أو فرض حكاية (انتصار الرأسمالية) وهزيمة (الاشتراكية) في خطوة دعائية حاولت خلالها ترويكا (الليبرالية) الغربية بزعامة أمريكا تكريس ثقافة أسطورة (السوبر باور) مرسخة في الذاكرة الإنسانية فكرة القوة وجبروتها كوسيلة مثلي للتفوق دون اعتبار لعوامل حضارية أخرى ذاتية وموضوعية، إذا ما أدركنا أن أمريكا والغرب يعتمدون (حضارة القوة) لبسط هيمنتهم على العالم دون اعتبار لقيم وأخلاقيات شعوب العالم التي تقوم على منظومة من المعتقدات الدينية والثقافية والحضارية، وموروثات إنسانية شكلتها قرون من وجود وتفاعل هذه الشعوب التي تزدريها دولة مثل (أمريكا) التي لا تؤمن بالموروثات الحضارية والثقافية للشعوب، وترى أن (القوة) هي صانعة الحضارات وهي عنوان التفوق ومصدر ه..؟ لذلك هي بمثابة معمل لصناعة الأسلحة وتخضع كادارة لاستراتيجية مجمع الصناعات العسكرية الذي يحكم ويتحكم بالإدارة الأمريكية التي تعمل في خدمته وتنفذ برامجه في علاقتها مع العالم، وهذا المجمع يضع أهم أهدافه في صناعة وتسويق الأسلحة، وهذا سوق يعتمد على خلق الحروب وأفتعال الصراعات على الخارطة الدولية، وفي حالة خفوت نيران الحروب والصراعات تجد أمريكا نفسها مدفوعة لشن حروبها الخاصة ضد كل من يعارضها من أنظمة العالم ولا يخضع لقانونها ويقبل بأن يضع نفسه في خدمة أهدافها ومشاريعها الاستعمارية..؟! في هذا السياق نجد أن أمريكا وخلال العقود الستة المنصرمة خاضت حروبا في مختلف قارات العالم بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة أنفقت خلالها قرابة (36 ترليون دولار) وزهقت أرواح بشرية تجاوزت (العشرة مليون إنسان) منها أكثر من (4.5 ترليون انفقتها في غزو العراق) ..؟! وقد استطاعت من خلال هذه الحروب التي أشعلتها وقامت بها من تحريك عجلة الصناعات العسكرية ومكنت تكتل المجمع الصناعي العسكري من تحقيق أرباح خيالية ذهبت لخزائن أصحاب هذا المجمع فيما حصلت الدولة على حصتها من عائدات الضرائب التي لم تتسق مع حجم النفقات التي تتطلبها الدولة الأمريكية فذهبت للاستدانة لتغطية احتياجاتها حتى تجاوزت ديونها قرابة (22 ترليون) وفق أحدث إحصائيات، الأمر الذي يجعل تخلفها عن التسديد وفق الجدولة المعدة سلفا يمثل كارثة على الاقتصاد العالمي حسب تصريحات المسؤلين الأمريكيين واكبر الديون المستحقة عليها هي لجمهورية الصين الشعبية..؟! يضاف لكل هذا حاجة أمريكا لقرابة (6 ترليون دولار) لتحديث وإعادة تطوير البنية التحتية خلال السنوات العشر القادمة.. وتتوزع ديون الإدارة الأمريكية بين ديون داخلية وديون خارجية وتعد هذه الدولة الوحيدة في العالم التي تعمل بأموال الآخرين نظرا لاعتماد عملتها (الدولار) كعملة عالمية. ( 3 ) أدى تراكم القدرات الرأسمالية الصناعية والتجارية على أراضي أمريكا التي وضعت نفسها كحاضنة للراسمالية وعاصمة الليبرالية وقدمت نفسها كأمبراطورية بديلة عن اباطرة الاستعمار في الغرب رافعة شعارات براقة أبرزها حق الشعوب في الحرية والاستقلال والسيادة، وحق الفرد في امتلاك كل ممكنات حقوقه وحريته والتعبير عن مشاعره، فبدت على إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية وكأنها دولة مناهضة للاستعمار ومناصرة لحرية واستقلال الشعوب، متخذة من المميزات التي حصلت عليها بعد الحرب عوامل قوة تمكنها من فرض حظورها على الخارطة الكونية ومن هذه العوامل اعتماد عملتها (الدولار) كعملة دولية، واختيارها لتكون حاضنة للمقرات الدولية _الأمم المتحدة _مجلس الأمن _البنك والصندوق الدوليين، والكثير من المنظمات الدولية الفاعلة، التي استخدمتها أمريكا لاحقا كجزءا من أسلحتها التي راحت تطوع بها إرادة الشعوب والتحكم بمصائرها.. لم يمر عاما واحدا من نهاية الحرب العالمية الثانية وتوقيع اتفاق (مالطا) بين الأطراف المناصرة فيها _ستالين _تشرشل _روزفلت "حتى أدرك العالم الذي ابتهج بتحرره من الاستعمار التقليدي إنه يواجه أخطر أشكال الاستعمار الذي تمثله أمريكا وتمارسه بحق شعوب العالم..؟! وعلى مدى السنوات والعقود التي تلت نهاية الحرب العالمية مارست أمريكا دورا استعماريا غير مسبوق تاريخيا من حيث طريقته وأدواته وأساليبه بدءا بما وصف بمرحلة (الحرب الباردة) وهي مرحلة تنافسية بين النظامين (الرأسمالي) بقيادة أمريكا و(الاشتراكي) بقيادة الاتحاد السوفييتي، ولم تكن هذه المرحلة مجرد مرحلة تنافس بين معسكرين بل كانت بمثابة صراعا وجوديا شمل مختلف الجوانب الحياتية للبشرية بكل ما تحمل من أحلام وتطلعات حضارية، فقدمت أمريكا نفسها كنموذج حضاري ومنارة للحرية والتقدم والتطور والرفاهية، فيما راحت وعبر آلتها الإعلامية الجبارة تعمل على (شيطنة) خصومها، ولم تخضع أمريكا يوما في تعاملها مع العالم لتلك المبادئ والأهداف التي قامت لأجلها الأمم المتحدة ومنظماتها، ولم تقف يوما أمام نصوص القانون الدولي الذي يفترض إنه ينظم علاقة الدول فيما بينها، بل راحت تتعامل مع العالم وفق قانونها الخاص والذي أطلقت عليه أيضا (القانون الدولي)..؟! وهكذا حلت قوانين أمريكا الخاصة محل القانون الدولي وحلت رغبتها محل الشرعية الدولية، وراحت تكرس قانون القوة الذي اعتمدته في تعاملها مع العالم وبطرق سلسلة فكانت بما تمارسه بحق شعوب العالم أخطر بكثير مما كان عليه الحال مع الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة التي وضعت نفسها مجتمعة في خدمة الامبراطورية الاستعمارية الجديدة التي استطاعت أن تضع استراتيجية استعمارية لاحتوي إرادة الشعوب والأنظمة بطرق استعمارية أكثر (حداثة وتطور وشيطنة) وتوفر لها الكثير من القدرات والإمكانيات التي كانت تدفعها الدول الاستعمارية السابقة لها، وكانت ستدفعها لو اتخذت طريق الاستعمار المباشر، لكنها مارست سياسية استعمارية _شيطانية _ دفعت أو أجبرت الكثير من دول وشعوب وأنظمة العالم إلى الارتماء في احضانها والارتهان لها والتخلي عن قرارها وسيادتها وكرامتها واستقلالها، كل هذه التنازلات مقابل أن تحضي هذه الشعوب والدول والأنظمة برضاء أمريكا وصداقتها ومقابل (رغيف الخبز) وقد ا من حياة مضطربة مسنودة بمساعدات مشروطة مقدمة من البنك والصندوق الدوليين اللذين توظفهما أمريكا لتطويع الشعوب والتحكم بها والسيطرة على كل تفاصيل حياتها بما في ذلك الحياة الاجتماعية والأسرية والي جانب البنك والصندوق الدوليين هناك (وكالة التنمية الأمريكية) التي تعد إحدى أهم مؤسسات (المخابرات المركزية الأمريكية) والمتخصصة بجمع واعداء قواعد البيانات عن حياة كل شعب بما في ذلك معرفة مكوناته القبلية واعراقه الاجتماعية والأقليات العرقية والمذهبية والطوائف حتى العادات والتقاليد، وكل هذه أسلحة تستخدمها أمريكا متى احتاجت لتدمير اي دولة أو نظام تمرد على سياستها الاستعمارية الأخطر في تاريخ الاستعمار.