1/15/2025 3:06:52 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
طه العامري
هل من توبة في شهر التوبة..؟! كتب/طه العامري..
3/19/2023
(1) شهر رمضان له مكانة خاصة وقدسية في وجدان وذاكرة المسلمين، وهو شهر خصصه الله سبحانه وتعالى لكثير من الحكم والتأمل وخصه الله بأن انزل فيه (القرآن) وفيه عاد رسول الله صل الله عليه وعلى آله إلى مدينة مكة التي اٌخرج منها عنوة من قبل أعدائه واعدا رسالته من كفار (قريش) الذين ظلوا على كفرهم وعدائهم لرسول الله حتى بعد أن نصره الله وعاد لمكة منتصرا ولكن بقلب رحيم وبقيم وأخلاقيات وتسامح ورآفة لا يتحلى بهم إلا من أرسله الله رحمة للعالمين، وكان على خلق عظيم، أو من أمن به حقا واتبع سيرته واقتدا بسلوكه ممن بلغ أعلى مراحل الإيمان واليقين والإحسان.. لذا يفترض أن يكون شهر رمضان شهرا للتأمل للفرد والجماعة والمجتمع وكل من ينتمي إلى الإسلام وإلى هذا الرسول العظيم المعلم الأول للبشرية الذي جاء بمشاعل التنوير وقوانين العلم والمعرفة، كما جاء بكل القيم والأخلاقيات التي تميز أتباعه عن غيرهم وتميز دين الحق والعدل والحرية والكرامة عن بقية الأديان، وان الدين عند الله (الإسلام) فإن القيم التي جاء بها هذا الدين ربطت بحبال القداسة علاقة المسلم بدينه وبنبيه المصطفى، كما ربطت علاقة المسلم بأخيه المسلم ونظمت العلاقة بينهما وبين الآخر أيا كانت هويته وديانته..! خصوصية هذا الشهر الكريم إنه شهر الامتحان، إمتحان الذات وقدرتها على التغلب والانتصار على مغريات الحياة، وهو شهر الله الذي يقول سبحانه (كل أعمال بني آدم له إلا الصوم فهو لي اجزي به من اشاء).. كثيرة هي المؤشرات والدلائل التي تؤكد إن بيننا وبين ديننا الإسلامي الحنيف ملايين السنوات الضوئية وإننا أمة بافرادها وجماعتها ونخبها وحاكميتها وعلمائها وب(سفأئها ورهطها) جميعنا نقول ما لا نفعل وتتحدث بما لا نؤمن، وإننا لم نبلغ الإسلام ونستوعب قيمه وواجباته وحقوقه وتشريعاته وقوانينه، فما بالكم عن الإيمان، واليقين، والإحسان، وأين نحن منهم..؟! وكل هذا البعد والاغتراب الذي نعيشه في ديننا هو إننا ذهبنا بعيدا في ( تسييس الدين) واتخذناه كأحدي الوسائل لتحقيق أهداف دنيوية ذات غايات سياسية ومصالح ذاتية وجماعية لدرجة لم يبقى لنا من ديننا غير (الطقوس) التي نمارسها وبذات الطريقة التي يمارس فيها ( غير المسلمين طقوسهم الدينية) التي ما أنزل الله بها من سلطان..؟! لقد عمل ألمسلمين الأوائل على تسييس الدين خدمة لمصالحهم، وفشلوا في تدين السياسة وهذا ما كان يفترض بهم أن يقوموا به، وهكذا راحت الأجيال المتعاقبة تتمسك بطقوس وسلوكيات وربما أساطير الاسلاف، فصرنا نتعصب للمذاهب أكثر من تعصبنا للدين ذاته، ونتعصب لبعض صحابة رسول الله أكثر من تعصبنا للرسول ولسيرته وسلوكه..؟! دون أن يمنعنا كل هذا من الاحتفالات بكل المناسبات الدينية وتعظيمها ولكن لدوافع سياسية ودنيوية أكثر منها دوافع دينية..!! ( 2 ) أن أكبر وأكثر أثآم المسلمين تتمثل في توظيفهم لدينهم لتحقيق أهداف سياسية دنيوية من خلال إقدامهم على (تسييس الدين،، بدلا من أن يدينوا السياسة).. وهذه الظاهرة ليست وليدة المرحلة أو حديثة العهد، ولكنها تمتد بجذورها ل(سقيفة بني ساعدة) وما جرى فيها ومن ثم راحت تداعيات تلك (السقيفة) تلقى بظلالها على مسيرة الإسلام والمسلمين جيلا بعد جيل وحقبة بعد أخرى حتى وصلنا لمرحلة حضارية وجدنا أنفسنا فيها مكبلين بتراث ثقافي وفكري وسياسي وديني، تراث تراكمي أقل ما يمكن وصفه إنه يكبلنا بسلاسل الجهل والتخلف والتنابز فيما بيننا، ولم نعد ذالك الجسد الواحد الذي أن اشتكى منه عضوا تداعى سائر الجسد بالسهر والحمى..؟! إذ طغت المصالح السياسية على عقيدتنا وقيمها، وطغت همومنا الدنيوية على تشريعات ديننا وتعاليمه ونصوصه، فكان أن تهنا في دنيانا على حساب ديننا، بل أدهي من التيه والغفلة، أن تظهر فرق تزعم انتمائها للإسلام وهي أشد خطرا عليه، وعلى المسلمين، فرق مهمتها تشويه ( الدين الإسلامي العظيم) وتسعى جاهدة لتحقيق ما عجزت عنه ( الحملات الصليبية) وما عجزا عنه أعداء الإسلام..؟! فرق ضآلة ومارقة تعمل على إظهار دين الرحمة، والمحبة، والتسامح، والحرية، والعدل، وكأنه ( دين التوحش، والقتل، والذبح، والجهل، والتخلف، والثأر والانتقام)، في محاولة من هذه الفرق على تكريس ثقافة جمعية تؤكد من خلالها أن ما تمارسه وتقوم به هو (الإسلام)؟ وهو ما جاء به وأمر به الرسول المصطفى عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام..؟! ورغم أن غالبية المرجعيات الإسلامية تدين مثل هذه الأعمال والسلوكيات، غير أن هذه المرجعيات بدورها لم تتمكن من مغادرة اغلال الماضي وثقافته التراكمية وأبرزها ما يتصل بجدلية العلاقة بين (الدين كعقيدة) و (الدولة) كحاضنة منظمة للعلاقات الاجتماعية..!! وهذا يجعلنا للأسف ك _مسلمين _ نقول ما نفعل، ونفعل عكس ما نقول، ونتحدث كثيرا عن _الدين _وقيمه وأخلاقياته وأوامره وقوانينه وتشريعاته، ولكنا للأسف في مهامنا الحياتية وعلاقتنا نمارس سلوكيات دنيوية نحرص من خلالها في الحفاظ على مصالحنا وما يرضى غرائزنا ويحقق اطماعنا وطموحاتنا الدنيوية!! بدليل إن المجتمعات الإسلامية تفتقد للحاكم العادل، وتفتقد للقاضي العادل، وتفتقد الأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وتفتقد الحاكمية المؤمنة بحق مواطنيها في الحرية والعدالة والكرامة والعيش الكريم.. لذا نشاهد أن الفقر والجهل والتخلف والاحتراب الذاتي والظلم والفساد والامتهان والانتهاكات للحقوق، كل هذه المؤبقات منتشرة في البلدان والمجتمعات الإسلامية أكثر بكثير مما هي في بلدان ومجتمعات غير المسلمين..؟ كما نشاهد غالبية الشعوب والدول الإسلامية _للأسف الشديد _ يتسولون المؤاد الإغاثية والعلاجية والتربوية، من غير المسلمين، كما نرى إرتهان أنظمة وشعوب إسلامية لدول وأنظمة غير إسلامية مخالفين بهذا السلوك نصوص قرآنية صريحة، ونرى من يستعين بغير المسلمين لمحاربة أشقائه من المسلمين ويرى فيه الأخ والصديق والحليف الأقرب إليه من أخيه المسلم الذي يرتبط معه بوحدة العقيدة والثقافة والقيم واللغة والجغرافية غالبا كحال العرب مع بعضهم وحال العرب والمسلمين..؟! أحب في ختام هذه السلسلة أن أتوقف أمام تداعيات المشهد الوطني، الذي تعتمل فيه إرهاصات حافلة بالشعارات الإسلامية، مشفوعة بمواقف متباينة من هذه الارهاصات، مواقف توزعت بين متحمس لها حد التعصب، وبين الرافض والمشكك بها حد التعصب أيضا..؟! وبداية اقول ان لا احد يمكنه أن يشكك بإيمان الشعب اليمني الذي دخل الإسلام برسالة من رسول الله صل الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يكتفي أجدادنا الأوائل بدخول الإسلام طواعية بل وبحماس التفوا حول رسول الله وحملوا راية الإسلام وكانوا جنودا اوفيا وطأت أقدامهم قارات العالم يحملون راية التنوير، وبالتالي لن نجد يمنيا واحدا يرفض أو يعترض على شريعة الله تطبيق سنة رسوله المصطفى.. ولكن..؟! ولكن هل تلبي (المسيرة القرآنية) التي نتحدث عنها حاجاتنا ومتطلباتنا الدينية والدنيوية وتحكم بما أنزل الله وأمر به، وبسيرة رسوله وسنته؟ هل تحمل المسيرة مشروعا تجديديا ( للحاكمية) وليس للدين فدين الله واحد ولا يمكن تحديثه أو تجديده، ومن يتحدث بلغة تجديد أو تحديث الدين هو جاهل وغارق بجهالته، لكن ما هو مطلوب هو العودة لقيمنا الدينية ولشريعة الدين كما انزلها الله لا كما أرادها رموز ( الحاكمية والمتسلطين) الذين اتخذوا الدين ذريعة لتطويع المسلمين ولتحقيق مصالحهم الخاصة والانتصار لمشاريعهم الخاصة ذات الهوية السياسية والمذهبية؟! منذ قرون مؤغلة وشعبنا المسلم والمؤمن يخضع لاجتهادات الرمزيات الدينية وتعاليمها والتي في غالبيتها فصلت الدين على مقاسها وبما يضمن ويحقق لها مصالحها وينتصر لاهدافها الدنيوية في الحكم والسيطرة، إذا ما أدركنا أن كل الخلافات التي نشبت بين المسلمين بعد وفاة الرسول الكريم، نشبت بسبب السلطة والسيطرة والنفوذ، ومن أحق بهما من غيره، مع ان الله والرسول تركوا الأمر في هذا الجانب تحديدا (شورى) بين المسلمين، غير أن هذا لم يحدث، وما حدث أن (الشيطان) دخل بين المسلمين من (سقيفة بني ساعدة) ولايزل حتى اليوم يقف في وجه وحدة وتوحد المسلمين، وتوحيدهم الذي بدوره خضع لاجتهادات فقهيه وراحت أطرافه تراكم ثقافات أسطورية ما أنزل الله بها من سلطان ولم يحتكم المسلمين للدين ولا لله ورسوله بل احتكموا لمنطق دنيوي واجتهادات دنيوية حرص أصحابها على الانتصار لقناعتهم متجاهلين كل ما أمر به الله ورسوله، بل تجاهلوا حتى( القرآن الكريم) وما جاء فيه وهو كتاب الله ودستور المسلمين في كل زمان ومكان، لكن هذا لم يحدث وما حدث اننا نعيش اليوم أحداث وتداعيات نجتر الكثير من أسبابها من ماضي اسلافنا وهو الماضي الذي لا نحاسب عليه ولا يجب أن نستحضره لأنه يتعلق بأمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وبالتالي يفترض أن نعيش حياتنا وفق متطلبات اللحظة الزمنية والمكانية وننظر لجوهر ديننا وقيمه ونعمل بها ولي أخلاقيات رسولنا المصطفى ونلتزم بها.. وان كان العدل الاجتماعي هو معيار الانتماء لديننا ومقاومة الظلم هو هدف ديننا، ولأن ديننا غايته هي تنوير عقول وقلوب البشر وإشاعة قيم المحبة والتسامح والعدل الاجتماعي بكل مظاهره، ويركز ديننا وتعاليم رسولنا المصطفى على الوحدة بين المسلمين وعلى الحكم بالعدل دون الانتقاص أو التهميش والحوار المسؤل والمشورة والتوازن والقياس إلى آخر المفاهيم التي حرص ديننا على الإشارة إليها والتأكيد على أهميتها، فديننا لم ياتي لنا بالتشريعات والقوانين المنظمة لحياتنا الخاصة والعامة، بل جاء بكل ما يهم حياتنا من القوانين والنظم والتشريعات والعلوم المعرفية وحتى التربية الأخلاقية والسلوكية المتصلة بالحياة اليومية للفرد والجماعة في المجتمع الإسلامي أكدا وشددا عليها ديننا..! بيد أن ما يجري اليوم وما نشاهد من سلوكيات تمارس تحت راية (المسيرة القرآنية) يجعلنا نذكر اخواننا المسئولين عن هذه المسيرة أن هناك ممارسات غير مقبولة ومناهضة لتعاليم الدين وقيمه وتسامحه وهو دين الرحمة والمحبة وأيضا تتعارض بعض هذه الممارسات مع قيم وأخلاقيات رسولنا الخاتم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام..؟! وان كنا نرفض تطرف بعض المتشددين باسم الدين من جماعة (الوهابية) إلى جماعة (الإخوان المسلمين) إلى (القاعدة، وداعش) واي مسمى يرفع راية الدين لتحقيق أهدافه الخاصة والانتصار لمشاريعه الخاصة، فإن الواجب أن نذكر اخواننا في قيادة( المسيرة القرآنية) بأن هناك أخطاء يجب مراجعتها لمن يريد أن يحكم ويقدم نموذجا لحكم وطني ذات صبغة دينية شريطة أن لا يحاول فرض خيارات بذاتها على كل المجتمع، وان لا يحاول أن يشكل المجتمع بكل مكوناته وفق أطياف هو فارضها، وان لا يرى في السلطة والقوة وسيلة لفرض خيارات أيا كانت تتعارض مع قيم وثقافة اجتماعية مكتسبة، بذات القدر عليه أن العصر ليس (عصر الخلفاء الراشدين وليس عصر بني أمية ولا بني العباس) بل هو عصر مختلف تماما في ازمنته ومكانته وبمظاهره وقيمه وثقافته وتحولاته الحضارية، وبالتالي يجب مراعاة كل هذه الحقائق واخذها في الاعتبار أن كانت هناك نوايا جادة لبناء وطن وتنمية وتوحيد شعب والسعي لرفاهيته، ولذلك يفترض أن نحترم اتباع المذاهب ونحترم ثقافتهم وتراثهم وطقوسهم ومعتقداتهم، طالما احترم كل هؤلاء النظام والقانون، وان نكرس قيم التعايش الاجتماعي وفق عقد اجتماعي يتكفل بحقوق وواجبات الجميع..! الأمر الآخر أن نفصل بين دور الدولة ومؤسساتها وقوانينها وتشريعاتها وبين انتماءنا (المذهبي) ومعتقداتنا الدينية، لأن الذين لله والوطن للجميع وقيم التعايش الاجتماعي وضع مداميكها سيدنا المصطفى في ( وثيقة المدينة) والي اليوم ينسب له صلوات الله وسلامه عليه مصطلح (الدولة المدنية)..!! أن مهمة المسلم هو قدرته على التعاطي مع كل الظواهر الحضارية واستشراف آفاق التقدم والتطور وامتلاك كل عواملها وأدواتها من خلال إعمال العقل والتفكير والإبداع وابتكار كل ممكنات التعايش والحياة المستقرة وهي عوامل لن تأتي عبر استحضار الماضي وادرانه، بل تأتي عبر الانفتاح الواعي ومن خلال تحويل التنوع الفكري والثقافي وحتى المذهبي إلى مصادر للطاقة الإبداعية والتقدم الحضاري، أن هذا التنوع ساهم في بقاء اليمن محافظة على دينها وقيمها وتراثها الحضاري الإسلامي، وهي التي كانت حاضنة لكل المذاهب والتيارات الفكرية التي برزت في مسارنا الإسلامي وإليها لجاء في زمن ( بطش الطغاة) بالعلماء والمفكرين المسلمين الذين تركوا مكة والمدينة والقاهرة وبغداد والكوفة ودمشق وهربوا بعلمهم وأفكارهم وثقافتهم ابي اليمن التي احتضن شعبها كل أولئك الرموز فكانت بمثابة وآحة الحرية وطوق النجاة لكل من واجههم ظلم الطغاة وبطش جلاديهم، آلم يأتيها (الإمام الهادي لاجئيا) بعد واقعة (كربلاء) ؟ و إليها لجاء (الناصر الأطروشي) وهو من جاء إلينا بفكر ( الإمام زيد) و الذي أصبح مذهبا إسلاميا أتبعه ملايين من أبناء اليمن وحتى اليوم؟ وإلى اليمن هرب أنصار (المعتزلة) بفكرهم وتراثهم الثقافي الذي أسسه ووضع لبناته (واصل بن عطاء) الذي كان أيضا استاذ وفقيه ومعلم (الإمام زيد).. وكثيرون من رموز الفكر الديني وعلماء الدين تركوا مدن وعواصم الإسلام واتوا لليمن لينجوا فيها بافكارهم وثقافتهم وحياتهم من بطش حكام وولاة الاستبداد..!! لكل ما سلف تستحق اليمن أن تعيش التنوع وحياة الاستقرار، دون أن يفرض عليها طيف بذاته ولا تشريعات بذاتها تعكس رغبة أصحابها في الهيمنة وليس في بناء دولة ومجتمع إسلامي قوي وموحد وذو سيادة واستقلال وكرامة..؟! اللهم اني بلغت.. فإن توفقت فلله الحمد والشكر، وان أخطأت فإن الله غفور رحيم وهو غافر الذنوب وقابل التوبة وبه استعين وعليه أتوكل.. وصلاة الله وسلامه على سيدي رسول الله وآله الطيبين الطاهرين.