1/15/2025 2:44:40 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
طه العامري
تعز : عنوان وطن وحكاية قهر ..؟! طه العامري..
4/4/2023
لا يمكن أن تكون (قوميا) أن لم تكن (وطنيا) ولا يمكن أن تكون (وطنيا) أن لم تفكر بنطاقك الجغرافي الذي عرفت فيه الحياة وتفتحت عيونك على تضاريسه، ومن ترابه تعفرت أقدامك، ومن تراثه الثقافي والحضاري تشربت، ومن معاناة أهله وناسه استمديت هويتك الوطنية والقومية، مؤمنا أن هذا الخط هو خط الانعتاق من براثن الجهل والعبودية والظلم والقهر اليومي الذي يمارسه النافذون وأصحاب القرار، الذين فرضوا وصايتهم على الوطن والشعب، باسم (الله، والقبيلة، والرسول،)..؟! شأت اقدارنا وشاء النافذون الأوائل أن يجعلوا منا (شوافع وزيود) مع ان الله واحد والرسول واحد والدين، والوطن واحد، ولايمكن تجزئية التوحيد أو الوحدة الاجتماعية، غير أن أصحاب النفوذ ولدوافع مصلحية فرضوا علينا تصنيف (شوافع وزيود) ليعززو بهذا التوصيف خياراتهم وقيمهم وقوانينهم قهرا وقسرا وعنوة، بمفاهيم غلفت بشعارات وأهداف وغايات دينية ومذهبية وقبلية واجتماعية، لكن في واقع الحال لم تكن كل هذه المفاهيم سوى وسيلة ناجعة اعتمدها البعض للحفاظ على نفوذهم وديمومة تسلطهم..!! منذ تفتقت مداركي العقلية والفكرية وانا احلم بوطن آمن ومستقر تخيم عليه واحدية الهوية والانتماء والعدالة والمواطنة المتساوية، ولم أتردد بالعيش في كنف القهر والظلم والاستبداد أن كانت هذه الظواهر تطال الجميع على قاعدة أن المساوة في الظلم عدل..؟! غير أننا ورغم القبول بهذا الواقع المر نجد أن (البعض) يذهب بعيدا في ممارسة سياسة الاستهداف الممنهج وكلما تقدم البشر من حولنا في بناء وتنمية أوطانهم والارتقاء بحياتهم نؤغل نحن في تجذير قيم الجهل والتخلف وترسيخ ثقافة الانتقاص من الاخر الوطني والتشهير به ومواصلة استهدافه تارة باسم الوطنية وتارة باسم الله والرسول واسباب أخرى وكل هذا يتم توظيفه ( لشيطنة تعز وأبنائها) وفق ثقافة تتطور بتطور المراحل الزمنية وبحسب رغبة ومصالح النافذين الذين يقبضون على مفاصل السلطة والسلطة التي خصصت في هذا البلد لطائفة بذاتها، طائفة ترى نفسها هي وكيلة الله في الأرض وهي حارسة الرسول وسنته، وهي الوطن وما دونها عليهم القبول بالتبعية والارتهان لهم، أو فهم ( خونة وعملاء ومرتزقة) بلغة( اليوم) و (شيوعين ملحدين، وقوميين علمانيين) بلغة ( الأمس) القريب..؟! تعز التي قدمت وقدم أبنائها الكثير من التضحيات من أجل وطن حر وكريم وأمن ومستقر ومتقدم شمالا وجنوبا دون من أو تفضيل أو مساومة، ودون أن يضعوا شروطا أو يفرضوا نفوذا بل طالبين تكريس قيم دولة النظام والقانون، متطلعين لوطن مزدهر وموحد تسوده العدالة والمواطنة المتساوية واحترام مشاعر مواطنيه ومعتقداتهم الدينية والمذهبية، وطن تسوده فرص التكامل وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، ولأجل هذه الأهداف قدمت تعز وأبنائها الكثير من التضحيات طيلة عقود الثورة والتحولات الوطنية التي لعبت تعز وأبنائها دورا محوريا في تحقيقها على أمل الوصول إلى الوطن المنشود، الوطن الذي يظم الجميع ويعيش فيه الجميع تحت سقف القانون وفي كنف دولة المواطنة المتساوية، دولة تتيح لجميع أبنائها حرية الابتكار والتقدم وصناعة النجاح دون إنتقاص أو حقد أو حسد يطال الناجحين، وطن خال من (ثقافة الفيد والوصاية) تحت أي مسمى. ( 2) حين كانت الإمامة جاثمة بتخلفها على صدور أبناء اليمن في شمال الوطن، وكان الاستعمار البريطاني جاثما على أبناء اليمن في جنوب الوطن، كان أبناء تعز يجوبون قارات العالم في سبيل الرزق الحلال الذي يمكنهم من الارتقاء بحياتهم وحياة أسرهم وحياة مجتمعهم ووطنهم، وقضوا عقودا بالغربة عادوا بعدها إلى قراهم ووطنهم ليساهموا في تنمية وطنهم وكانت أولى مهامهم للتنمية الوطنية هي التخلص من نظامي الإمامة والاستعمار الذين فرضوا على شعبنا قيم الجهل والتخلف ومظاهر الفقر والمرض، وقدم المغتربين من أبناء تعز بريفها وحضرها دعما غير محدود لكل ثائر ضد الجهل والفقر والمرض والتخلف الحضاري، ولم تبخل تعز لا بالمال ولا بالدم والرجال، وسقط الآلاف من أبنائها في صنعاء وعدن شهدا من أجل حرية الوطن والمواطن، ومع انتصار الثورة اليمنية شمالا وجنوبا ظل أبناء تعز يناظلون من أجل الوحدة والتنمية والتقدم والعدالة ودولة المواطنة المتساوية، لم يفكر أبناء تعز بعد انتصار الثورة بمن سيحكم؟ بل كان همهم كيف سيحكم الحاكم؟ وواصلت ( تعز وأبنائها) تقديم القرابين والتضحيات من أجل دولة العدالة والقانون والمواطنة المتساوية، ومن أجل التطور والتقدم بكل جوانبه الحضارية والتنموية، عملوا كل ذلك من أجل وطن موحد ومتقدم وشعب أمن ومستقر ومزدهر تسوده العدالة والمحبة والتسامح والإخاء، لم يكن ولن يكن في (تعز) طائفي ولا مذهبي ولا مناطقي ولا عنصري، وان وجدت بعض الأصوات النشاز فهي ليست من تعز ولا تنتمي لتعز وهي معروفة الجذور والأهداف..؟! بيد أن (تعز) التي تحملت كل صنوف القهر والكيد والانتقاص والتهميش طيلة عقود الثورة وسنوات الوحدة وما بعدها تجد نفسها اليوم أمام ظواهر أكثر توحش و(همجية) ظواهر يصعب تقبلها أو التسليم بها من قبل أي مواطن حر وذو كرامة ينتمي لهذه المحافظة العظيمة والبطلة، وهي عظيمة بعظمة أبنائها، وبطلة من بطولاتهم التي سطرها التاريخ في انصع صفحاته ولا يوجد بعد من يمكن أن ينكرها أو يشكك بها. هذه المحافظة التي تحملت جهل وتخلف أنظمة (الكهانة) لعقود طويلة ولكنها في الاخير اسقطتهم، وتحملت جبروت وغطرسة الاستعمار فأزالته من تراب اليمن، وتحملت كل المنغصات القهرية التي عرفتها بعد قيام الثورة اليمنية، وتغاضت عن استهداف أبنائها الابطال وإهدار دمهم على أمل أن تكون هناك دولة ووطن ومواطنة وعدالة، وهي من تحملت( نظام صالح) بما مارس من تهميش واستهداف ونزوع طائفي وقبلي ومذهبي ومع ذلك سايرة وساير أبنائها ورموزها تلك المراحل لأن هدفهم كان أكبر وأعظم من تخرصات المتخلفين، كان هدفهم بناء وطن وترسيخ قيم المواطنة وان ما راكمته عصور الجهل يصعب إزالته بجرة قلم بل يتطلب المزيد من التضحيات والصبر والتجلد حتى نصل بالوطن إلى المرحلة التي يصبح فيها حاضنة لكل مواطنيه وفي كنف دولة يسودها النظام والقانون والعدالة والتقدم والازدهار الاجتماعي.. ومع ذلك وبعد عقود خرجت تعز ثائرة ضد (نظام صالح والقبيلة وهيمنتها) ولكن للأسف وكما تغير (الحية جلدها) غيرت القبيلة أدواتها وجلدها وجاءت بوجاهات جديدة بديلة عن السابقة التي استنزفت..؟! والمؤسف أن ما حدث بعد عام 2011م وبحسب معطيات الأحداث وتداعياتها، لم يكن يختلف بنتائجه عن ما حدث بعد ثورة سبتمبر 1962 م أن لم يكن أكثر سوءا وكارثية على الأمن والاستقرار الاجتماعيين، بل إن ما نواجهه اليوم وتواجهه تعز بالتحديد هو الأخطر في كل تاريخها..؟! ( 3) ذات زمن مؤغل تعرضت تعز لظلم فادح حين طبق عليها الأئمة فتوى (التكفير بالتاويل) على خلفية أن (تعز) كانت موالية ( للعثمانيين) والعثمانيين بنظر الأئمة (كفار) وبالتالي من يواليهم فإنهم منهم..؟! فكان أن طبق الأئمة على تعز (فتوى عبد الله بن حمزة) واعتبرت تعز بموجب الفتوى (أرض خراج)..؟! عند مغادرة العثمانيين لليمن كان لدي رئيس محكمة (الزيدية) يحي حميد الدين، اثنان مدافع وفي تعز هناك ستة مدافع لدى الشيخين علي وعبد الله عثمان، فتوهم حكام صنعاء أن بقى هذه المدافع في تعز خطرا وجوديا عليهم، فقرر إرسال حملته لتعز بعد ترتيب مؤامرة غدر وخيانة فنزل ابن الوزير بجيشه وأطلق على العملية (فتح تعز) وكأن أبناء تعز كانوا من (كفار قريش) ولم يدخلوا دين الله إلا على يد ابن الوزير ويحي حميد الدين..؟! عند قيام ثورة سبتمبر اعتبر بعض النافذين في صنعاء أبناء تعز (عملاء لمصر) وأنهم بحماسهم للثورة ضد الإمامة (خانوا البيعة) فيما قال الشيخ الأحمر كلمته التي اشتهرت بين قبائله (لن يحكمنا ابن ساعي البريد) ويقصد به الزعيم جمال عبد الناصر الذي كان له الفضل من إخراج الشيخ من اسطبل آل حميد الدين وحرره وهو كان رهينة في بيت الإمام ونصبه شيخا ورد له اعتباره لكن الرجل كانت الخيانة في دمه فخان الثورة والثوار وغدر بالجميع وفصل البلاد على مقاسه ..؟! عام 2011م اعتبرت (تعز وأبنائها) خونة (للشرعية الدستورية) _ التي لو كانت موجودة فعلا لقدسها أبناء تعز، _ وحين تفجرت الحرب والعدوان والحصار، قالوا إن كل هذا حدث بسبب (خيانة أبناء تعز وعمالتهم)..؟! لترتفع ( الحراب والسواطير) وسهام الحقد والأفك على تعز ومن كل الاتجاهات وبرزت ثقافة الكيد والفتن من (عدن وصنعاء) وراحت ثقافة (شيطنة تعز) تنتشر ولم يسلم منها أبناء تعز لا الذين اصطفوا مع (الشرعية) ولا الذين اصطفوا مع (سلطة صنعاء) ضد العدوان..؟! أعترف أنني كنت متعاطفا مع ( سلطة صنعاء) واملت منها أن ترسخ قيم الحق والعدل وإشاعة روح التسامح والدفاع عن كرامة وطن وشعب..؟! وكان موقف هذه السلطة من النظام السعودي حافزا لتفاؤلي وأملي ببدء مرحلة وطنية خاصة وأن القائمين على سلطة صنعاء عانوا الظلم والقهر فكان التفاؤل كبير بعدالتهم وبمستقبل وطني أفضل، ولكن للأسف فؤجئنا بالاخوة يأتوا بما لم يأتي به الأوائل من الطغاة الراحلين والإسلاف الذين طواهم الزمان..!! اليوم تعز وأبنائها يستهدفون بطريقة ممنهجة ورغم أن في صنعاء رموز ووجاهة تعزية كبيرة ومشاركة في السلطة غير انهم يواجهون سياسة التهميش والإقصاء وليس لهم وزن في أجندة الممارسات اليومية التي تمارس باسم الدولة والنظام والقانون، وفي الواقع ليس لما يمارس علاقة بالنظام والقانون والدولة ومؤسساتها..؟! في المقابل أبناء تعز في الطرف الآخر _الشرعية _ورغم تربعهم على أهم المفاصل السيادية إلا أنهم بدورهم عاجزين عن فعل أي شيء يخدم مصلحة تعز أو مصلحة الوطن، ومع ذلك تكال بحقهم كل التهم وينعتون بكل الأوصاف، الأمر لا يتوقف هناء بل طالت ثقافة الانتقاص والاستهداف كل أبناء تعز من رجال الأعمال والتجار والنخب وصولا للمواطن العادي، وتتماهي رؤية (عدن) مع رؤية (صنعاء) في النظرة لأبناء تعز، الأمر الذي يجعل أكثر المراقبين حكمة وحصافة يخرج عن حكمته وحصافته ولباقته أمام مثل هذه الممارسات الاستهدافية التي وصلت مرحلة استهداف تعز وجودي جغرافيا وثقافيا وفكريا واجتماعيا وحضاريا،ناهيكم عن سياسة الاستهداف المادي والابتزاز الذي يطال رجال المال والأعمال وبطريقة جد سافرة وغير مقبولة ولا يمكن الصمت أمامها حتى للآخرس والأبكم اللذان سينطقان أمام هول ما يجري لتعز وأبنائها من (شيطنة) واستهداف ممنهج ومن كل الاتجاهات وكأن هذه المحافظة كانت تعيش وأبنائها عالة على هؤلاء الذين يستهدفونها وبكل السبل والوسائل..؟! ( 4) تعز.. تعيش اليوم حالة كارثية وعلى مختلف المستويات الجغرافية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الوجدانية، وتعاني من حالة إنقسام وتشرذم وتمزق فكري واجتماعي وصولا للجغرافية المهددة بالتشضي في مرحلة زمنية حافلة بالمخاطر والأخطار وفي ظل غياب كلي للوعي الجمعي _التعزي _وغياب وحدة الموقف بين أبنائها الذين يدفعون ثمن تفرقهم وتباين مواقفهم ونخب غلبت مصالحها الخاصة ومصالح أحزابها عن مصلحة المحافظة وهناك أخرين من رموزها وأبنائها مكبلين وغير قادرين على إيصال أصواتهم لأبناء المحافظة الذين ركبوا قطار الصراع وتوزعوا على أطرافه وعلى حساب المصلحة الجمعية لأبناء المحافظة الذين يدفعون ثمنا هذا التنابز والاستهداف الممنهج الذي يطال هذه المحافظة ويستهدف دورها ومكانتها وتأثيرها على الخارطة الوطنية، استهداف تتعرض له المحافظة وأبنائها ومن مختلف الاتجاهات المحلية والإقليمية والدولية، وكأن (تعز) تعاقب على أدوارها التاريخية و الوطنية والقومية وعلى رسالتها الحضارية ومحاولة خطيرة لمنع تعز من لعب اي دور مؤثر على الخارطة الوطنية قد يأتي مناهضا لرغبات أطراف الصراع الذين ينظرون لتعز وأبنائها ولادوارهم برؤية إنتقاصية، لأن تعز وأبنائها مؤمنين بأهمية وجود الدولة الوطنية، والنظام الوطني وتكريس قيم ونواميس دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية والحياة الحرة الكريمة، بعيدا عن ثقافة الهيمنة والتبعية والتعالي والغطرسة أيا كانت مصادر هذه الظواهر السلبية التي ترفضها تعز ولا يقبلها أبنائها... وما تتعرض له تعز اليوم يعكس نفسه على وضع أبنائها ورموزها وكل من ينتمي إليها من نخب سياسية وفكرية ووجاهات اجتماعية ورجال مال وأعمال وصولا للشقاة والرعية، إذ أن كل مواطن ينتمي لتعز أصبحت حياته تحت مقصلة الاستهداف، بما في ذلك أولئك الذين يتربعون مواقعهم في مفاصل السلطات في صنعاء وعدن الذين لم تشفع لهم مكانتهم في مفاصل هذه السلطات من حراب الاستهداف التي توجه إليهم فيما الجغرافية مشطرة بين _الحوبان _والمدينة _والشريط الساحلي _وثمة أيادي شيطانية متعددة الأطياف تعبث بكل شيء ينتمي لتعز..؟! تعز التي أعطت للوطن والهوية ما لم تعطي مثلها اي محافظة يمنية، وقدمت من أجل حرية واستقلال اليمن ووحدته وتقدمه الحضاري خيرة أبنائها (قرابين) من أجل عزة وكرامة اليمن الأرض والإنسان..ولم تحصد سوى القهر والانتقاص، ونالتها ولاتزال تنال منها حراب الحقد والحسد وثقافة الانتقاص، ناهيكم عن جبال من التهم الكيدية التي توجه لأبنائها ونظرات الانتقاص التي ينظر بها البعض لهذه المحافظة وأبنائها دون ذنب سوى أنهم يحلمون بوطن موحد ودولة مؤسسات عادلة، ونظام وطني مجرد من النزعات المذهبية والطائفية والمناطقية والقبلية.. نظام يكرس قيم المواطنة والهوية الوطنية الواحدة.. نظام لا يأتي مبرمجا وجاهزا ضد تعز وأبنائها ولا يجعل من هذه المحافظة وأبنائها وقودا لتحقيق أهدافه الخاصة أيا كانت دوافعها مذهبية أو طائفية أو حزبية أو وجاهية..؟! والمؤسف أن كل خلاف يحدث على السلطة بين النافذين في مفاصلها، تدفع تعز وأبنائها ثمنه دما ودموعا وآهات وقهر وحسرات، غير أن الأسوا هو ما تواجهه تعز اليوم ويواجه أبنائها وتواجهه الجغرافية التعزية، والذي يؤشر إلى توافق جميع أطراف الصراع الدامي ورعاتهم الخارجين على تدفيع تعز وأبنائها الثمن والذي تشير كل المعطيات إلا إنه سيكون ثمنا باهضا أن لم يصحى أبناء تعز الذين توزعوا على أطراف الصراع من سباتهم وغيهم ونزقهم ويتجردوا من كل الحسابات الخاصة ويعودوا لرشدهم ويتفقوا فيما بينهم، ويعيدوا جسور الاتصال والتواصل فيما بينهم لإنقاذ محافظتهم، وهم قادرين على ذلك أن تخلوا عن مصالحهم الشخصية من أجل مصلحة المحافظة وأبنائها وجغرافيتها وكانوا عظما بقدر عظمة تعز وتاريخها ودورها وتضحيات الابطال من أبنائها الذين أشعلوا بدمائهم قناديل الحرية والكرامة والوحدة والسيادة الوطنية. كانت (تعز) وأرجو أن تبقى إيقونة الوعي والعلم والمعرفة ونافدة اليمن نحو العالم المتحضر وتحولاته بكل جوانبها الحضارية والعلمية والمعرفية، واستطاع أبناء تعز أن يجمعوا وبثقة واقتدار بين القيم الحضارية الوطنية وتراثها المكتسب وبين القيم المعرفية الحديثة ليشكلوا بجمعهم هذا لوحة ثقافية وحضارية وتنويرية تلبي حاجة اليمن الأرض والإنسان، وذهبوا يسخرون كل قدراتهم للارتقاء بواقعهم والواقع الوطني بكل نطاقه الجغرافي الممتد من (صعده للمهرة، ومن كمران حتى سقطري) دون حسابات خاصة أو رغبة في النفوذ والهيمنة، أو بدافع السيطرة والتسلط، بل كان الوطن وتقدمه وحريته وسيادته وتطوره، أبرز الدوافع والأهداف التي حركت نخب تعز ووجهائها، ودفعتهم لخوض معترك التحولات من أجل يمن مزدهر بارضه وأنسانه.. لم تكن الثورة ضد نظامي الإمامة والاستعمار التي خاضها أبناء تعز وضحوا لأجلها مجرد رغبة للإطاحة بنظامين عرفا بتخلفهما واستبدادهما وحسب، بل كانوا يتطلعون لتحقيق أهداف وطموحات الوطن والشعب في التقدم والازدهار والعيش بحرية وكرامة وسيادة على وطنهم وفي كنف دولة النظام والقانون والعدالة الاجتماعية وفق عقد اجتماعي يعامل كل أبناء الوطن بالتساوي من حيث الحقوق والواجبات، وطن مستنير يتيح الفرص لكل أبنائه في استلهام كل أسباب العلم والمعرفة، لا تقيده ( قوانين التسلط) ولا تكبله ( أعراف القبيلة) ولا يخضع لنزوات ترويكا النفوذ أيا كانت هويتها ومرجعياتها، نعم حلم أبناء تعز بوطن متقدم ومتطور يحكمه نظام وطني ديمقراطي مستنير، نظام مسلح بقيم الهوية الوطنية الجامعة بعيدا عن الانتماءات الضيقة مذهبية كانت أو حزبية أو طائفية أو مناطقية، ولأجل هذا الوطن الحلم كانت تضحياتهم المادية والمعنوية، ولأجل وطن بهذه المواصفات سألت دماء أبناء تعز على الجغرافية اليمنية بكل امتدادها وتضاريسها، وحين نجحت الثورة في إسقاط نظام التخلف في صنعاء وانطلقت شرارتها لإسقاط نظام الاستبداد في عدن، وتحقق هذا الحلم، وجدا أبناء تعز أنفسهم أمام منظومات تناقضات اجتماعية مكتسبة، فايقنوا انهم أسقطوا نظامي الإمامة والاستعمار ولكنهم لم يسقطوا (ثقافة النظامين) وطقوسهم الاستبدادية المتخلفة، ومع ذلك لم يستسلموا فواصلوا نضالهم من أجل حلمهم بوطن عادل يستوعب جميع أبنائه ونظام عادل يساوي بين كل أبنائه، فكانت التصفيات السرية والعلنية وكانت الزنازين والسجون، وكانت التهم والتوصيات وثقافة التهميش والانتقاص، من نصيب (تعز) وأبنائها، ومع كل هذا لم يكفر أبناء تعز بوطنهم، ولم يتخلوا عن حلمهم، بل تحملوا المحامل التي لا تحتمل ودفعوا ضريبة انتمائهم الوطني من أجل وطن حر ومستقل وأمن ومزدهر ونظام وطني عادل يكرس قيم الهوية والانتماء ويعزز وحدة المواطنة والمساواة. ورغم تعثر الثورة اليمنية التي هيمن عليها النفوذ القبلي في شمال الوطن، لم يفقد أبناء تعز الأمل فواصلوا تقديم القرابين من أجل الوطن والثورة، فكانت ( حركة 13 يونيو بقيادة الرئيس الشهيد الحمدي) من إعادة الأمل للحالمين، غير أن هذا الأمل سرعان ما تبدد بقتامة سحب الغدر والخيانة في (غداء أكتوبري) كان وقعه على تعز أكثر من مؤلم وأكثر من كارثة، لتقدم تعز كوكبة من خيرة وانبل رموزها في محاولة لاستعادة الوطن المنهوب في (وليمة أكتوبرية أخرى) نسجتها حراب (القبيلة) التي ترعبها فكرة الدولة والنظام وفق (الرغبة التعزية) التي تحلم بالعدالة وتحلم بمساواة (شيخ المشائخ) مع غير من أبناء الوطن ولو كان ( شيخا تعزيا)..؟! لتستمر تعز في بث أشواقها ويواصل أبنائها وكل رموزها في التطلع نحو لحظة انبلاج فجر الحلم المسكون في الوجدان والذاكرة، حتى كان (22 مايو 1990) حين توهمت تعز وأبنائها أن الحلم تحقق وان التضحيات أثمرت وتكلل نضالهم بالنصر بعد طول عناء..؟! غير أن الفرحة لم تكتمل إذ سرعان ما كشرت (القبيلة) عن أنيابها، ولن تنسى عبارة ( شيخ القبيلة _حين اطلع على قائمة أسماء حكومة الوحدة حين قال :باهر قولوا أن تعز توحدت)..؟! قالها ظهر يوم 23 مايو 1990 م وكانت إيذانا ببدء (محراث القبيلة يغرز سكاكينة على خارطة الوطن، لنحصد حرب صيف 1994 م)..؟! تلك الحرب التي ألقت بظلالها على تعز وأبنائها وإليهم وجهت التهم من كل حدب وصوب، ومنها انطلقت مفردات (شيطنة تعز) وأبنائها وتحميلهم وزر كل المؤبقات والأحداث، ولم تترك تهمة لم توجه لتعز وأبنائها، وأبرزها تهمة إسقاطهم لنظام الإمامة ومحاربة نظام الاستعمار البريطاني وهذه التهم موثقة بمؤلفات وكتب ونشرت بصورة مقالات عبر الصحف..؟! تهم طالت رموز ومناضلي تعز الأحياء منهم والأموات لم يسلموا منها رغم تضحياتهم واستشهادهم من أجل الوطن والشعب..!! تعز : عنوان وطن وحكاية قهر ..؟! .. ( 10) ثمة استحقاقات مصيرية تواجهها تعز وأبنائها في سياق التداعيات الوطنية الراهنة، وهذا يتطلب من كل المكونات الاجتماعية والنخبوية والوجاهية والثقافية والسياسية والاقتصادية وكل شرائح المجتمع التعزي، الجميع مطالبين بالتوحد ونبذ خلافاتهم السياسية والحزبية وأن يصطفوا في خندق المصلحة الجمعية لتعز وكل الوطن، فتعز هي رافعة الوطن، وهي إيقونة الانتماء الوطني وعليها يتكئ الوطن شماله وجنوبه، وبمعزل عن كل الثقافة الكيدية والاستهدافية التي وجهت مفرداتها مؤخرا نحو تعز وأبنائه بصورة انتقامية أو انتقاصية واستهدافية، فإن هذه الثقافة لاقيمة لها ولا تؤثر في مكانة تعز ولا في دورها الجيوسياسي الوطني، مهما كانت بشاعة مفردات الاستهداف وكانت مصادرها، وقد يجهل من يريدون دفننا إننا بذور هذه الأرض، لكن المرحلة تتطلب مزيدا من عودة الوعي لأبناء تعز بمختلف انتمائتهم وطبقاتهم، كي يتمكنوا من التعاطي مع المرحلة بروح المسئولية حتى لا يتخذ منهم أعداء الوطن وتعز (سواطير) لتقطيع الجغرافية أو حراب لنحر وحدة الهوية والانتماء، على خلفية احتلال بعض رموزها لمواقع متقدمة في مفاصل النظام أو (السلطة الشرعية) التي تحركها رغبات إقليمية ودولية وحسابات جيوسياسية ومصالح واطماع، في ظل واقع وطني ممزق وتعدد الولاءات والحسابات، وحديث عن تسويات سياسية بريشة أطراف خارجية معبرة عن مصالح أطراف داخلية ضيقة ومجبولة ( بنرجسية انتهازية) ورغبات ذاتية يتمسك أصحابها بمشاريعهم الخاصة المناهضة للمشروع الوطني الجامع، وحتى لا تحدث أي تسوية انتقاصية تنال من وحدة الجغرافية الوطنية والسيادة والكرامة والاستقلال الوطني، وحتى لا تحمل تعز اوزار اي تسوية انتقاصية تنتقص من دورها ومكانتها وهويتها وانتمائها، وبالتالي ينسب اي إنتقاص قد يحدث لتعز بحكم وجود بعض أبنائها ورموزها في مفاصل (الشرعية) ليعزز به المتربصين على تعز منطقهم الاستلابي ضدها..! أن تعز وأبنائها يكفيهم فخرا (التهم) التي تكال ضدهم بأنهم سبب قيام الثورة وإسقاط النظام الأمامي في شمال الوطن ، وأنهم السبب في خروج الاستعمار البريطاني وتحرير الجنوب من ادرانه، وأنهم ( اقنعوا النظام الشطري الذي كان قائما بالجنوب بالوحدة مع الشمال، وأكدوا لقادة الجنوب أن في الشمال نظام قبلي لايفقه شيئا والوحدة معه فرصة للتخلص منه، لكن وحين تفجرت حرب صيف 94 م غدرت تعز بقادة الجنوب وتركتهم يواجهون غزو الشمال ولم تحرك ساكنا، وكان بإمكانها أن تقف في وجه الغزو) _ما بين الهلالين _مقتبس من مقال طويل لأحد أبناء الجنوب _الذي أضاف بقوله (لو أن أصحاب تعز خلطوا الحلبة ودهنوا بها الطريق لتزحلقت دبابات وآليات الغزو القادمة من صنعاء)..؟! والحقيقة أن كل التهم التي قيلت بحق تعز حتى اليوم هي أوسمة شرف لتعز ولكل أبنائها، وكل ما قيل ضد تعز وأبنائها شرفا تفتخر به تعز وأبنائها، لذا فإن تمسك أبناء تعز بواحدية الجغرافية والهوية والانتماء هو ما هو مطلوب في هذه المرحلة، فتعز كانت دوما عنوان الثورة من أجل الحرية والعدالة والكرامة والاستقلال، وكانت عنوان الوحدة وضد الانفصال، وواجبها اليوم أن تقف ضد كل المشاريع الخاصة سواء مشاريع تقسيم الجغرافية الوطنية، أو مشاريع تقسيم جغرافية تعز أو النيل والانتقاص منها، لقد دفعت تعز اثمان باهضة لتحضي لكل هذه (التهم المشرفة) التي توجه لها وأبنائها، وهي اليوم معنية بمواجهة ما يستهدفها ويستهدف الجغرافية والهوية الوطنية.. وأهم الأسلحة التي يجب أن تتسلح بها تعز اليوم هي الوحدة والتوافق والتكامل فيما بين رموزها ونخبها وكل أبنائها ففي وحدة المجتمع التعزي تكمن وحدة واستقرار كل اليمن. ( 11) تعز اليوم تقف على حافة الهاوية ومصيرها مرهون بيقضة أبنائها وبوحدة رموزها ووجهائها وتضامنهم من أجل تعز ودورها ورسالتها ومكانتها الوطنية، وهذا يتطلب من كل الفعاليات التعزية وبمختلف أنشطتهم وطبقاتهم ومكانتهم الاجتماعية إنكار ذاتهم والتجرد من مصالحهم ونوازعهم السياسية والحزبية وأن يوحدو مواقفهم من أجل تعز والوطن. تعز التي تستهدف اليوم من أكثر من اتجاه داخلي وخارجي، إقليمي ودولي، تستهدف في جغرافيتها، وفي دورها ومكانتها، ويستهدف إنسانها بدوره وقدراته وهويته وانتمائه وثقافته، وتستهدف تعز بارثها وموروثها وقيمها وعاداتها وتقاليدها، تحديات تواجه تعز وهي تحديات مصيرية غير مسبوقة وفي مرحلة تاريخية تفتقد فيها تعز للمرجعيات الجامعة والكارزميات التي تقدر على المناورة والتعاطي الحكيم مع منظومة التحديات على قاعدة الاتزان والتوازن والتعامل مع مختلف الأطياف دون التضحية بتعز ودورها ومكانتها، أو الانتقاص منهم، ودون الاصطدام بالأخر الوطني أو إنكاره والتنكر لدوره، أمثال أولئك الحكما الذين كانوا في واجهة الأحداث ومعبرين عن تعز والوطن رحلوا عن دنيانا، وهناك رموز ونخب جديدة برزت في الواجهة موزعة بين من هو مسكون برغبات الثأر والانتقام من الاخر الوطني، أو تابع مرتهن، أو متعصب لايدلوجيات سياسية وحزبية وطائفية ومذهبية، فيما هناك أغلبية تمتلك كل مقومات الوعي والنجاح والحكمة والرؤية الثاقبة، ولكنها أغلبية مهمشة تحارب من قبل النخب الفاعلة في المحافظة وأيضا من قبل الترويكا المتسلطة التي ترى فيهم خطرا عليها لذا تعمدت ترويكا التسلط أن تستقطب من تعز مجاميع (انتهازية) تبحث عن الجاه والمال والشهرة والنفوذ وكأنها تنتقم من الزمن ومن تعز والوطن عن عقدها المتراكمة وعن حياة التهميش والتجاهل التي كانت تعيشها..؟! فيما هناك رموز تعزية منخرطه في تداعيات المشهد لدوافع وطنية ومع ذلك ورغم حضورها في مفاصل السلطة وتحاول تكريس أنشطتها من أجل دولة النظام والقانون والمواطنة والعدالة الاجتماعية، إلا أنها تواجه حربا مبطنة وحصار غير معلن يحد من أدوارها من قبل ترويكا التسلط الراغبة في ديمومة احتوى تعز وأبنائها تماهيا مع من يريد امتلاك (الأسد) ولكن بدون أنياب ومخالب، ليستخدمه فقط للزينة والتباهي بالشجاعة أمام الآخرين..؟! جغرافيا تعرضت تعز لاستهداف جغرافي في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم حين تم تقسيم (شرعب لمديريتين، أطلق عليهما شرعب الرونة، وشرعب السلام)، مع قيام حكومة الوحدة عام 1990 م تم اقتطاع من الجغرافية التعزية (القبيطة، والمقاطرة،) وتم إلحاقهما بمحافظة لحج، وهناك اقتطاعات أخرى تم إضافتها لمحافظة أخرى..؟! اليوم تخضع بقية الجغرافية لثلاثة اتجاهات نافذة وباسطة ففي (الحوبان) هناك اتجاه، وفي المدينة اتجاه، وفي الساحل الغربي اتجاه.. هذه الاتجاهات المفروضة على الجغرافية التعزية بحكم الأمر الواقع وتداعيات الأحداث التي ساهمت بها النخب التعزية الحالية التي لم تستمع لحكماء تعز القدماء منهم أو الذين عاشوا وشهدوا بعض هذه التداعيات ثم رحلوا عن دنيانا بحسراتهم وقهرهم مما ألت إليه الأحداث في تعز وكل الوطن. يتبع