1/15/2025 3:08:57 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
طه العامري
مناورة السيف المتحد: ماذا بعد..؟!كتب /طه العامري..
4/12/2023
هي أكبر مناورة عسكرية تجريها جمهورية الصين الشعبية في كل تاريخها.. مناورة عسكرية استثنائية لا تشبه اي مناورة سابقة ولن يكون لها شبيه في قادم الزمن إلا أن تطبق واقعيا ولن تكون مجرد مناورة..؟! قدرات عسكرية جبارة حشدتها (بكين) برية وبحرية وجوية إلى جانب بقية القوى اللوجستية منها الاستطلاعية والاستخبارية والفضائية، أرتبك على إثرها كارتل ( الانفصاليين الليبراليين) في (جزيرة تايوان) الذين بلغ فيه الأمر حد اعتقادهم أن (بكين) قررت السيطرة على الجزيرة وإعادتها للوطن الأم، فاعلنوا حالة الطواري استعدادا لمواجهة القادم من الوطن الأم، فيما قررت أمريكا إرسال إحدى حاملات الطائرات إلى بحر الصين الجنوبي لمراقبة الوضع عن كثب، مع تسويق واشنطن لخطاب إعلامي يطالب بضبط النفس من بكين مع تأكيدها على مواقفها السابقة الداعمة لفكرة الصين الواحدة وهي فكرة أخذت واشنطن في ذروة تنافسها مع بكين اقتصاديا وجيوسياسيا وتقنيا إلى توظيفها كورقة تساوم عليها بكين التي تدرك بدورها نوايا واشنطن وأساليبها الابتزازية ومحاولتها إخضاع ورقة جزيرة تايوان وتوظيفها لتطويع إرادة الصين وجموحها على الخارطة الدولية كمنافس استراتيجي حقيقي لواشنطن التي تعيش مرحلة عجز حقيقي عن منافسة الصين وعاجزة عن كبح قطار التحولات التنموية والحضارية الذي أطلقته بكين عبر ومن خلال مشروع( الحزام والطريق) الذي تعيد من خلاله بكين تشكيل خارطة العالم وتحالفاتها وفرض قيم إنسانية جديدة للعلاقات الدولية تقوم على أسس الاحترام الكامل للقانون الدولي واحترام سيادة الدول وإرادة شعوبها، والتخلص من نظام هيمنة القطب الواحد، والبدء في تأسيس نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، يعيد الاعتبار للقانون الدولي والعلاقات الإنسانية بعيدا عن الهيمنة والتبعية والارتهان وفرض خيارات بذاتها على دول وشعوب العالم تخدم القطب المهيمن الذي افقد العالم الكثير من مقومات الأمن والاستقرار ناهيكم عن إهدار قدرات وتضاعف نسب الفقر والتضخم في الاقتصاديات الدولية، مضافا إليه ظاهرة الهجرة والإرهاب التي اتسعت رقعتهما وزادت المعاناة بسببها إقليميا ودوليا كنتاج للسياسة الأمريكية والممارسات الأمريكية التي سعت على مدى العقود الأخيرة لفرض قوانينها على شعوب العالم قهرا وقسرا وعنوة، استنادا على ما لديها من القوة والحضور، وهذا ما يتصادم مع رؤية الصين واستراتيجياتها لعالم متعدد الأقطاب يحضي فيه الإنسان بقدر من السكينة والاستقرار والسلام الاجتماعي، وهذه الرؤية مدعومة من روسيا الاتحادية التي تخوض حربا حضاريا شاملة، حربا وجودية لا تتصل بأمن روسيا الاتحادية ومصالحها، بل إن الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا، هي حرب مع قوى الإمبريالية والاستعمار العالمي، وهي حرب تخوضها روسيا نيابة عن كل شعوب العالم التي أرهقتها الهيمنة الاستعمارية الغربية _الأمريكية.. بيد أن مناورة (السيف المتحد الصينية) ليست مجرد مناورة عسكرية تكتيكية عابرة بقدر ما هي مناورة حملت رسائل عدة منها ما هو موجه للتيار الانفصالي في جزيرة تايوان، ومنها ما هو موجه للقوى الخارجية الراعية لهذا التيار الانفصالي، أو التي تستغله وتوظفه لمصلحة أهدافها الاستراتيجية والحضارية وأبرز هذه القوى هي الولايات المتحدة الأمريكية التي كثفت أنشطتها العسكرية داخل النطاقات الجغرافية المحيطة بجمهورية الصين مثل كورية الجنوبية، واليابان، والفلبين، ناهيكم عن إقامتها لما يشبه (الناتو الآسيوي) وضمت إليه كندا، وأستراليا، وبريطانيا، من خلال حلف (اكوس) الذي موجه ضد الصين، لهذا جاءت مناورة (السيف المتحد) حاسمة وجازمة ومعبرة عن موقف صيني لا يقبل المساومة والابتزاز، في لحظة تاريخية تبدو فيها واشنطن أكثر عجزا وتراجعا وتعاني من أزمات داخلية مركبة، لكن أبرز أزماتها هي ما يتصل بازمتها الاستراتيجية والحيوسياسية التي تفقدها واشنطن اليوم بحكم الكثير من العوامل التي اوصلتها إلى حالة الوهن التي تعيشها وفي المقدمة من هذه العوامل نسبة الدين العام الذي وصل لأرقام خيالية يعجز الإقتصاد الأمريكي على تحمله رغم إقدام واشنطن على مدى العقود الأخيرة في إشعال خارطة العالم بحروب وفتن وأزمات حركت معها مصانعها العسكرية وصدرت أسلحة، ثم اتخذت من أوكرانيا (المترس) الأخير لها لتخوض من خلالها وبها آخر حروبها الاستراتيجية من أجل البقاء وديمومة الهيمنة غير أن كل المؤشرات تشير إلى أن أمريكا والغرب في طريقهم لخسارة هذه الحرب وبالتالي لم يكن أمامهم سوى التسليم بقيام نظام عالمي متعدد الأقطاب أبرز اقطابه روسيا والصين ودول البريكس.. إذا يمكن القول إن استراتيجية بكين بعد مناورة (السيف المتحد) تختلف عما كانت قبل المناورة ويبدو هذا واضحا من الخطاب الأمريكي المرتبك خاصة مع بروز تداعيات جيوسياسية وانفراجات تحدث في أزمة المدى الجغرافي الذي يشمله خط سير مشروع الحزام والطريق الصيني وأبرز مؤشراته ما يتصل بازمات المنطقة عربيا وإسلاميا، سوى تعلق الأمر بالعلاقة الإيرانية _السعودية، والحرب في اليمن، وعلاقة سورية بمحيطها العربي وصولا إلى القضية الفلسطينية التي ستصب في نطاقها كل هذه التداعيات بصورة إيجابية تجبر العدو المحتل على احترام القرارات الدولية ذات الصلة، وهذا ما سوف نشهده في كنف عالم متعدد الأقطاب الذي نعيش مخاضاته حاليا.