1/15/2025 2:51:23 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
طه العامري
(الإخوان) :وتراجيديا انهيار الأمة..؟! طه العامري
4/16/2023
(الإخوان) :وتراجيديا انهيار الأمة..؟! طه العامري.. 1_2 لست بالضرورة أن أكون (عدوا للإخوان) ولا خصما لهذه الجماعة التي في أفعالها ما يكفي للاستدلال على أن هذه الجماعة مثلْ خروجها من (قمقم التسلط) مع بداية التحولات التراجيديا في الوطن العربي، التي برزت بعد رحيل الزعيم العربي جمال عبد الناصر عام 1970 م ووقوع الفضاء العربي في دائرة الفراغ السياسي، الأمر الذي منح للنظام القطري العربي فرصة البحث عن الذات الوطنية، يؤمها لم يجد الرئيس (السادات) خيارا للتخلص من نظام وارث سلفه الرئيس عبد الناصر بحضوره الوطني والقومي وثقله الدولي، سوا الاستعانة بجماعة الإخوان لتخلصه من إرث العهد الناصري وتبعاته، فكانت الكارثة التي ألقت بظلالها على الأمة من محيطها إلى خليجها، تزامنت خطوة (السادات) برغبة (آل سعود) في التعبير عن حضورهم الجيوسياسي، عبر تسخير هذه الجماعة واتخاذها أداة للتعبير عن نفوذها وحضورها، قبل أن تتفجر الأزمة الأفغانية عام 1975 م وما اتبعها من تداعيات أدت إلى إحداث حالة انفصام في الوعي العربي على النطاقين الوطني والقومي، فاعتمدت الكثير من الأنظمة على الجماعة في مواجهة خصومها من التيارات السياسية الأخرى التي كانت تمثل خطرا على الأنظمة..؟! بعد عام 1990 م وانهيار المعسكر الاشتراكي وبروز النظام الليبرالي بهيمنته ورفعه لشعارات سياسية متعددة منها الانفتاح والحقوق والحريات السياسية والإعلامية، برزت الجماعة بثقلها بعد عقود من البناء التراكمي للقدرات البشرية والمادية والثقافية، وعملت الجماعة على استغلال حالة الانفتاح في الواقع العربي وطنيا وقوميا، موزعة أدوارها بين التطرف والاعتدال والتقرب من مفاصل الأنظمة والتودد إلى رموز القطاعات الاقتصادية، ومتوغلة في مؤسسات المجتمع المدني، النقابية والإعلامية، ولم تاتي أحداث (الربيع العربي) إلا وكانت الجماعة جاهزة ذاتيا وموضوعيا لإدارة أحداثه والسيطرة على توجهات الجماهير على طريق (التمكين) والاستحواذ، دون أن تغفل تعزيز علاقتها بالعديد من الأجهزة والمحاور الخارجية التواقة إلى إحداث اختراق في الواقع الاجتماعي العربي وفي الذاكرة السياسية والوعي الجمعي للنخب العربية الفاعلة، وتوظيف الجماعة لتكون الأداة التي بها تستهدف الأنظمة المعادية لبعض الجهات الخارجية أو تلك الحليفة التي أصبحت عالة على تلك الجهات الخارجية، التي كانت تبحث عن بديل لحلفاء تم استئنزافهم في المنطقة، وكانت المؤشرات قد برزت من خلال (اخوان العراق، ومرشدهم محسن عبد الحميد الذي دخل بغداد على دبابة بريمر)..؟! وفيما كان اخوان السودان يقدمون خدماتهم وأوراق اعتماد الإخوان لأكثر من جهة خارجية ومحور، عبر تحالف الثنائي (البشير _الترابي) كان اخوان سورية يتطلعون لمكرمة تساويهم بما حصل عليه اخوان العراق، في المقابل كان (الزنداني في اليمن، والغنوشي في تونس، واخوان ليبيا، يتطلعون لأدوارهم المرتقبة، فيما الجميع كان متوجسا من تكرار تجربة (عباس مدني) بالجزائر..؟! عام 2011 م قدمت أطراف وجهات محورية دولية هدية للجماعة عبر نافذة (الربيع العربي) فكان نظام البشير في السودان إيقونة للجماعة ونقطة تواصلهم مع أكثر من جهة، لتأتي سيطرة الجماعة على السلطة في مصر لتلقي بظلالها على بقية أقطار المنطقة، فبدت الأمور لحظتها وكان الله سبحانه وتعالى استجاب لدعوات الجماعة التي فتحت أمامها الطرق نحو قصور الحكم أو هكذا توهمت واعتقدت الجماعة التي لم تحسب حسابا غير لكيفية وصولها لسدة الحكم وبعدها (ما بدا بدينا عليه)..؟! استولى الإخوان على النظام في مصر وتونس، وبارك السودان هذه المنجزات وسعى البشير وإخوانه وبكل حماس لإسقاط النظام في ليبيا وتمكين مصطفى عبد الجليل وجماعته من الحكم، فتعثرت المهمة فاستعانوا بالناتو وأمريكا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا..؟! الأمر زاد تعقيدا في سورية فحشدوا لها مرتزقة من 89 دولة ليناصروا جماعة الإخوان، وكانت تركيا وقطر مرجعيات سياسية ومالية للجماعة، غير أن سقوط الإخوان في مصر قلب المعادلة وأدرك الرعاة الدوليين للجماعة فشل الجماعة في إدارة الدول، فاستبدلوا على إثر هذا الإدراك الخطة (أ) بالخطة (ب) وهي تكريس استراتيجية (الفوضى الخلاقة) فالأمر لدى هؤلاء الرعاة يهدف بالمحصلة النهائية إلى إفشاء سياسة الفوضى داخل المجتمعات العربية وتمزيق نسيجها الاجتماعي بهدف جعلها في دائرة الاحتوي والارتهان والتبعية..؟! .. 2 _ 2 شهدة أمتنا خلال الفترة 1973_1990 م تكريس خطاب (شيطنة الثقافة القومية) وقيمها وتكريس الثقافة القطرية كثقافة بديلة بعد أن أقتنع أصحاب القطري بأن المشروع القومي فشل بنكسة 1967 م والوحدة العربية فشلت قبل ذلك بفشل الوحدة المصرية _السورية وبالتالي لاشي اسمه الفكر القومي، وخلال هذه الفترة راحت الأنظمة القطرية تكرس ثقافتها وخطابها وتتمترس عند حدود سايكس _بيكو..؟! وبرزت خلال هذه الفترة القطرية قوي الإسلام السياسي التي راحت تنخر الوعي الجمعي العربي قطريا وقوميا بمفردات فكرية وثقافية طمست بها ومن خلالها الهويتين القومية والوطنية رافعة شعار (الإسلام هو الحل) وياليت انها كانت مؤمنة بهذا الشعار الذي اتخذته مجرد جسرا يقربها من مفاصل الأنظمة والقوى الاجتماعية المؤثرة دون أن تغفل ربط خطوط تواصلها مع العديد من الجهات الخارجية، فكانت بسلوكها أكثر (ميكافيللية، من ميكافيللي) وبقدر (شيطنتها للقيم القومية والوطنية) طالت إساءتها القيم الإسلامية، وقدمت إسلاما مشوها لاعلاقة لديننا الحنيف، فكانت أن جاءت بما لم تأتي به الحملات الصليبية، وسلوكيات سلكتها لم يسلكها حتى (علوج هولاكو)..؟! خلال العقد الأخير من القرن الماضي كانت (جماعة الإخوان) هي القوى المهيمنة في الشارع العربي ومحاضرة بقوة في مفاصل العديد من الأنظمة، كما هي الحاضر الفاعل في مفاصل المجتمعات العربية المتأثرة بخطاب الجماعة والمنساقة خلفها عاطفيا..! خلال هذه الفترات حدث ما يشبه عقد (زواج مسيار) بين الجماعة والأنظمة فشكلوا معا تحالفا ضد خصومهم من القوى الوطنية والقومية التي تعرضت على يد هذا التحالف لكل صنوف القهر والتنكيل، إلا أن دنت لحظة التخلص من دور ومكانة (الدولة الوطنية) أو بالأصح _ الدولة القطرية _ بكل مقوماتها ومشروعها الثقافي بعد أن أدركت بعض المحاور الخارجية أن الدولة الوطنية تشكل خطرا أيضا على مصالحهم إذا ما تمكنت من الحفاظ على استقرارها وتحقيق تقدمها التنموي والحضاري، وامتلكت قرارها المستقل، فكان العقد الأخير من القرن الماضي بداية رحلة تفكيك (الأنظمة الوطنية) وكانت _الجماعة _للأسف هي الأداة لتحقيق هذه الغاية وهي تفكيك الدولة الوطنية واختراق بنيتها الاجتماعية من خلال بوابة الانفتاح والتحولات الديمقراطية، ورغم أن الديمقراطية ببعدها الحضاري هي غاية تتطلع إليها الشعوب والمجتمعات الحرة ومنها شعوبنا العربية، غير أن هناك من جعل الديمقراطية في مجتمعاتنا (تتأركس) وتؤدي دورا عكسيا يقوم على تمزيق النسيج الاجتماعي ولا تلبي أحلامه وتطلعاته.. قد يكون المشهد السوداني اليوم بتداعياته واطيافه التراجيديا يختزل مآسة الأمة التي شكلتها ممارسات (جماعة الإخوان) التي اندفعت بكثير من الحماس لقيادة (قطار الأحداث) التي شهدتها الساحات العربية عام 2011 م بصورة مباشرة، فيما مقدماتها غير المباشرة كانت قد بدأت عام 2003 م بالغزو الأمريكي للعراق، وان كانت السودان اليوم تحصد ثمار زراعة (جماعة الإخوان) كأخر محطة لقطار الأحداث بعد أن تونس، ومصر، وسورية، وليبيا، واليمن، وان كانت مصر بحكم تماسك جيشها قد افلتت من (فخ التفكك والانهيار) واقتصرت تحدياتها في بضعة جيوب إخوانية حاولت اتخاذ من جغرافية (سيناء) نقطة إزعاج للدولة والنظام والجيش في مصر الذي تمكن بيقضته وكارزميته وعراقته المؤسسية من تجاوز هذا الفخ، غير أن مصر تدفع اليوم الثمن بطريقة أخرى وهي المنغصات الاقتصادية التي تواجهها مصر كوسيلة لتطويعها بعد أن تمكنت تجنب حروبا اجتماعية كما هو الحال في بقية الجمهوريات العربية التي كانت تشكل بجيوشها وأجهزتها وخطابها وتطلعاتها مصادر إقلاق لمن يرغب في رؤية هذه الجمهوريات فاشلة، جيوشها منهارة، ومجتمعاتها ممزقة، من أجل سهولة تطويعها والسيطرة على جغرافيتها وإخضاعها لخدمة مصالح جيوسياسية ليس لدول المنطقة وشعوبها وانظمتها مصلحة في ذلك..! والمؤسف أن _جماعة الإخوان _لعبت دورا محوريا في تشكيل أطياف هذه التراجيديا التي تعيشها الأمة، ومعها الأنظمة القطرية التي لم تكن أقل انتهازية من انتهازية الإخوان التي خاضت مع هذه الأنظمة أو بعضها _للأمانة _معترك قام على مبدأ _الكذاب ضحك على الطماع _وهو المبدأ الذي عنون تحالف السادات مع الاخوان وانتهى بمصرعه على أيديهم بعد أن لقبوه ب (الرئيس المؤمن) لكنهم قتلوه حين طلب منهم قتله، والمشهد اليوم تتوالى أطيافه وتبرز ( بصمات الجماعة) أكثر وضوحا، في كل أحداث الأمة، غير أن الأسوأ في المشهد هو غياب القيم العربية والإسلامية والقومية والوطنية وحتى الإنسانية في أبسط صورها عن كل تداعيات الأحداث وعن ذاكرة وسلوكيات رموزها وأدواتها..! نعم أن أسوأ من الأحداث الجارية هو ثقافة أبطالها الذين تجردوا من كل القيم والأخلاقيات الدينية والوطنية والإنسانية، في إدارة خصوماتهم وإحداثهم، وتمسكوا فقط بمصالحهم الشخصية مكرسين واقعيا ثقافة (الأنا) وسلوكا نرجسيا مبالغ فيه لدرجة ادعاء الكمال ومنح كل طرف لذاته مرتبة القداسة بطريقة يخجل (النمرود) منها..؟! منذ تفجرت أحداث عام 2011م كانت (الجيوش العربية والأجهزة الأمنية) في دائرة استهداف (جماعة الإخوان) التي لم تتردد في شيطنة هذه الجيوش، لصالح أطراف أخرى، لكن الجماعة توهمت انها بتفكيك هذه المؤسسات العسكرية سيكون بمقدورها فرض خياراتها والانتصار لاهدافها من خلال كوادرها التي أعدتها عبر عقود لتكون نواة لجيوش بديلة ستعمل على إنشائها حين تصل للسلطة، والمؤسف أن الجماعة فشلت في تحقيق كل أهدافها وتطلعاتها وخسرة أكثر من غيرها في هذه التراجيديا لكن النجاح الوحيد الذي يحسب لها انها ساهمت في انهيار الأمة وتدمير قدراتها وتحويلها إلى أمة فاشلة عاجزة عن التفاعل مع الأمم الأخرى، وعاجزة عن لملمة تناثر مكوناتها الاجتماعية التي راحت تعبر عن ذاتها وعن نوازعها الذاتية تجسيدا لشعارات تمزيقية عديدة، والتي نمت في الأوساط الاجتماعية كنتاج طبيعي لخطاب الجماعة وسلوكها خلال العقود الماضية..؟! اليوم نتسائل عن مكاسب جماعة الإخوان في مصر، وتونس، وسورية، وليبيا، والعراق، واليمن، والسودان، ؟! لا شيء طبعا، سوى أنها ساهمت وبفعالية في تدمير أمة وأنظمة ودول اتفقنا مع حكامها أو اختلفنا، فهذا لا يهم، المهم اننا وبعد أكثر من عقد نعيش وتعيش الأمة بكل مكوناتها وقدراتها في نفق مظلم، وفي حالة استلاب فكري وثقافي، غابت فيه الهوية الوطنية والقومية، والإسلامية، ولم نعد نرى غير مشاهد مأساوية في سورية ، وليبيا، واليمن، والسودان، وتونس، ومكونات هجينة مرتهنة شاهرة أسلحتها ضد جيوشها واوطانها وشعوبها، وتفرق بين أبناء وطنها وأمتها ودينها..؟! مكونات هي عبارة عن (جيوش متحركة) وضعت نفسها وبنادقها برسم ( الإيجار) لمن يدفع..؟! نعم نعيش اليوم أمام مجموعات عصبوية تدمر أوطانها وتقتل وتشرد وتجوع شعوبها في سبيل مصالحها الشخصية، ومن أجل إرضاء رعاتها ومموليها وفي هذا تتحمل جماعة الإخوان الوزر الأكبر وخاصة في اليمن والسودان وليبيا وسورية. للموضوع صلة.