1/15/2025 2:55:58 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
أصيل ناجي
الإعلام الرقمي بين صناعة الوعي الزائف وإنتشار الثقافات الهابطة كتب/أصيل ناجي
8/13/2023
مما لا شك فيه أن الثورة التكنولوجية الهائلة متمثلة بـ الإعلام الرقمي اليوم، أسهمت بنحو كبير في فتح مساحة كبيرة للبوح والتعبير والكشف ونشر المعرفة والمعلومات على نحو عام، سواء أكانت مغلوطة أم صحيحة، وفي مقابل ذلك ورغم ما مثلته هذه الثوره في خلق مناخ المعرفه نجد أنها أسهمت وإن لم يكن بشكل مباشر في تكوين وعي زائف، خالي تماماً من الإبداع وجدية الأعمال، ولعل في الآونة الأخيرة لاحظنا الانتشار الكبير للوهم تحت مسمى صناعة المحتوى سواء كان فني أو كتابي بعيداً عن الإبداع الحقيقي، الذي لا يدل إلا على اضمحلال الثقافة بشكل فردي وجماعي، الذي لا يمكن لنا تسميتة إلا بالوهم الثقافي. وكما أن الوعي حالة من حالات العقل المتجلية وتتمثل في تلك العملية الذهنية التي تجعلنا ندرك إدراكاً كاملاً للواقع الذي نعيشه بكافة معطياته وأبعاده وللحقائق المقرونة بذلك من حولنا سواء كان هذا الواقع ملموس أو محسوس وكل ما يرتبط الإنسان بمحيطه، وتلك العلاقات الإجتماعية والإنسانية التي تعيش هذا الواقع بكل تفاعلاته وتأثيراته كالغضب أو الفرح، والعلاقات الشخصية والإجتماعية والاسرية، وهو ما يجعل الإنسان أكثر قدرة على إجراء التقييم والمقاربات والمقارنات وبناء عليها يتخذ القرارات الحاسمة على ضوء هذه المعطيات؛ وبالتالى قد يكون هذا الوعي وعياً حقيقياً عندما تكتمل الصورة والقناعة في عقل الانسان اكتمالاً تاماً ويكون قد الم بكامل الحيثيات الصحيحة، وقد يكون الوعي زائفاً عندما تكون الرؤى قاصرة والتصور محدود وضبابي ومبهم، خاصة عندما لا تتوفر المعلومات الصحيحة بشكل كافي أو بشكل خاطئ ومدبلج بسبب وسائل التكنولوجيا الحديثة ومنها التواصل الإجتماعي بأشكاله وانواعه. وإضافة إلى إيديولوجيا النص، تشكل الصورة عنصراً مهما للوسائل الإعلامية، وتكمن أهمية هذا العالم البصري في قدرته على التحول إلى أيديولوجية، أي التحول إلى فكرة والفكرة تقود إلى مشروع؛ وبالتالي يصبح هذا الوعي المستمد من مشروع الصورة التي تنتجها بعض الوسائل الإعلامية في سلوك البشر وعاداتهم، وعلى الرغم من القول بأن كل ما يراه المرء حقيقي بطريقة أخرى يجسد الحقيقة، فإن الصورة اليوم يمكن أن تخدع المشاهد بزيفها وتظليلها. إن قضية الوعي من أهم القضايا التي شغلت بال العديد من الساسة والعلماء عبر التاريخ، والتي تعرضت بدورها لمتغيرات جديدة فرضتها الثورة الرقمية والمعرفية، والتي سرعان ما كان لها تأثيرات عميقة على الفرد والمجتمع، وعلى قدر ما أتاحت للمجتمع البشري فرص جديدة للقوة والمعرفة والثروة، وما يمكن أن تحمله شبكات التواصل الرقمي التى جاءت كذلك بتهديدات غير مسبوقة فيما يتعلق بطبيعتها أو بمستويات مواجهتها. فمأ توظفة المؤثرات الصوتية والمرئية في معركة الاستحواذ على القلوب والعقول لزياده عدد المشاهدات عبر إستخدام تكتيكات دعائية للإقناع ولجعل التاثير أكثر عمقاً في الوعي بشقيه الفردي والجماعي الذي يتم نشره عن طريقة ما تقدمه من محتوى في ظل غياب التفكير النقدي وتدني الثقافة العامة وضعف دور وسائل الإعلام الرسمية، وتأثير ذلك على قدرة الفرد على إدراك وتفسير الواقع والذي يتم وفق المعرفة والقيم المتشكلة لديه عبر تلك المنصات، والتي توجهه في إتخاذ القرار والحكم على الأفكار أو الأشخاص أو الأحداث. وبإعتبار أن نتيجة ما يحدث اليوم من الصور والإشارات والنصوص المرئية على الشاشات الإلكترونية، بات يشكل تهديداً لمنظومات القيم والرموز وتغيير في المرجعيات الوجودية وأنماط الحياة، فباتت كثير من الثقافات والشعوب عارية أمام تدفق الرسائل والعلامات التي تحمل معها أبطالاً و رموزاً جديدة تمتلئ بها مخيلة المشاهد بدءا بعارضات الأزياء ونجوم الكرة، ووصولاً إلى رموز الفن والسينما والأطعمة وأنماط السلوك. وباتت تؤثر كذلك في تقديره لذاته ودوره في الحياة أو شعوره بالتفاؤل والسعادة أو بالانتماء، وهو ما يترجم لاشعورياً في سلوك الفرد داخل بيئة التفاعل المادية أو الرقمية، وتحريك القيم بشكل عام من حالة الثبات الى حالة التفاعل ومن حالة التبني المطلق الى إعادة التفكير، ووجود سوق مفتوحه للأفكار وإختبارها وقياسها وتطويرها وإنتقالها بعيداً عن إعتبارات الزمان أو المكان. من ما قد يحتم علينا التعامل بحذر مع المحتويات الثقافية بشكل عام، وأصبح لزاماً علينا وضع حد لمثل هذه التفاهات من المرور التي كنا في بداية الأمر نسخر من المحتويات الهابطة على المنصات الرقمية إلى أن أصبحت أكثر انتشاراً من لو أننا تجاهلنها؛ والمصيبة الأكبر أن المحتوى الثقافي الذي كان يجب عليه أن يوجه السلوك نحو قضايا المجتمع، وهنا الحديث عن المجتمع عموما، لأ بد له أن يرقى إلى حد الإبداع الحقيقي المؤثر لتحقيق الرقي في المجتمعات بما يخدم قضايا المجتمع. 13/ 8/ 2023