5/9/2025 10:29:30 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
طه العامري
اليمن لا يُحكم بالقوة... فهل تفهمون الدرس؟
5/1/2025
العامري:اليمن لا يُحكم بالقوة... فهل تفهمون الدرس؟ رأى أجراس- اليمن الحوار اليمني–اليمني وأهميته بقلم//طه العامري نحن في اليمن نعيش منذ آلاف السنين كمواطنين إخوة، نختلف ونتباين، وقد نتقاتل أحيانًا على السلطة والنفوذ والثروة، ثم نعود ونتحاور ونتفق، فتعود السكينة إلى الوطن والمواطن. يشعر بعضنا أحيانًا بالغبن وربما بالقهر من غطرسة البعض ومحاولة فرض السيطرة والتحكم، فنعارض ونعترض، وقد يتمرد بعضنا على الحاكم، لكن العقلاء يتدخلون لتصحيح المسار وإعادة الأمور إلى نصابها. في اليمن، لا يوجد تعدد ديني حاد، ولا توجد أقليات عرقية أو إثنية كما هو الحال في بعض الأقطار العربية الأخرى. لدينا مذهبان رئيسيان هما: المذهب الشافعي والمذهب الزيدي، وهناك أيضًا أقليات دينية كاليهود – الذين كانوا جزءًا من النسيج اليمني – وأخرى إسلامية كالإسماعيلية، إضافة إلى تيارات صوفية وهاشمية. عاش هؤلاء جميعًا قرونًا من التعايش والود، وكانوا يشكون الظلم إن تسلّط عليهم حاكم ظالم دون تمييز بين مذهب أو طائفة. فالحكام المتعاقبون – سواء كانوا من الزيدية أو الشافعية – لم يستثنوا أحدًا من الظلم. ومع ذلك، لم يتمكن أي فصيل من إلغاء الآخر، ولا استطاع حاكم أن ينتزع من محكوم هويته أو انتماءه. حتى عندما ثار الشعب ضد حكامه، لم يسلبهم مواطنتهم. اجتماعيًا وقبليًا، تنقسم اليمن إلى ثلاث قبائل كبرى: حاشد، بكيل، ومدحج. وهي قبائل تنحدر من أبناء حمير، ومنهم جاءت حضرموت وأبين، وتمتد جذور بقية القبائل الحميرية من يافع إلى همدان وعمران وما بينهما. وبفعل الغزوات، والهجرات، والانتماءات العقائدية، تلقّح النسيج اليمني بعناصر متعددة، لكنها اندمجت في الهوية اليمنية الواحدة. هذا التعايش صاغته حرية الفكر، واحترام حق الاختلاف. فالإمام الشافعي لم يولد في تعز، ولا الإمام زيد في صنعاء، لكن أتباعهما تبنوا أفكارهما عن قناعة واختيار، وليس قسرًا أو فرضًا. فالزيدية مثلاً انتشرت في اليمن بعد قرون من وفاة الإمام زيد، على يد الناصر الأطروش القادم من بلاد فارس. من هنا، أوجّه ندائي إلى رموز هذا البلد، وإلى من بيدهم مفاتيح صراعه وسلمه: عودوا إلى الحوار. تحلّوا بالحكمة، وارتقوا إلى مستوى المسؤولية التاريخية، واحفظوا الوطن من شرور التعصّب والمقامرة بمصير شعبكم. فالتاريخ لن يرحم المكابرين، ولا أولئك الذين يغامرون بأوطانهم. لا القوة ستحسم الصراع، ولا الاحتلالات الماضية – من الأحباش إلى الفرس، ومن العثمانيين إلى البريطانيين – استطاعت أن تُبقي نفوذها، بينما بقي اليمن وشعبه بكل أطيافه، ترحل القوى ويظل اليمن. إن الصراع اليوم لن يحسمه سلاح ولا تحالفات خارجية. ستبقى الأحكام بيد الشعب، وسيحاسب الجميع. فعودوا إلى طاولة الحوار من أجل اليمن: أرضًا وإنسانًا. ألا يكفي أن أكثر من نصف مليون يمني قد قُتلوا؟! ألا يكفي أن هناك ملايين الجرحى والمعاقين والنازحين؟! كنا قبل أزمتكم نشتكي من وجود ثلاثة ملايين فقير، أما اليوم فقد أصبح عدد الفقراء أكثر من ثلاثين مليونًا! أتظنون – واهمين – أن بإمكان أحدكم حسم الصراع لصالحه بدعم خارجي؟! إن من يمنيكم بذلك لا يسعى إلا لتحقيق مصالحه الجيوسياسية والاقتصادية، لا مصلحة اليمن ولا مصلحتكم. انظروا حولكم: الصومال، ليبيا، العراق، السودان، سوريا، لبنان... هل ترون النهايات؟! هل تتابعون ما يجري في أوكرانيا، بين أمريكا والصين، وفي فلسطين؟! أنتم جزء من خارطة صراع دولي إن لم تتداركوه بأنفسكم، فلن يبقى لكم من القرار شيء. خمس عشرة سنة من الأزمة، وعشر سنوات من الحرب كافية لإقناعكم أن لا حل إلا بالحوار، وأن لا أحد يستطيع إلغاء أحد، ولا حكم في اليمن دون توافق وتراضٍ. عودوا إلى رشدكم، وتذكروا أنكم لن تحصدوا من العنف سوى مزيد من الدمار، وزرع الأحقاد، وتمزيق البلاد، وخسارة الجميع. لستم إلا أدوات في سيناريوهات أكبر منكم. إما أن تتحاوروا وتتصالحوا، أو تتحمّلوا مسؤولية الانهيار الكامل لوطن وشعب وتاريخ. اللهم إنّي بلّغت، اللهم فاشهد.