6/14/2025 10:42:59 AM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
طه العامري
الخيال الصحفي.. حين يصبح بديلاً للواقع
5/28/2025
الخيال الصحفي.. حين يصبح بديلاً للواقع بقلم: طه العامري في زمن الصمت، يصبح الخيال وسيلة للقول... الصحافة لم تكن يومًا مجرد مهنة لنقل الأخبار أو تدوين الوقائع الباردة؛ إنها سلطة رابعة، تتجاوز حدود الحبر والورق، لتتحول إلى صوت الرأي العام وضمير المجتمع. هي معنية بتوجيه قناعات الناس، وكشف مواطن الخلل، ولفت أنظار صناع القرار إلى مكامن الاختلال في جسد الوطن. الصحفي، في جوهر مهمته، لا يعمل فقط كناقل للأحداث، بل كمترجم لآهات الناس، وناطق باسمهم، ومصور لحالاتهم وظروفهم—سلبية كانت أو إيجابية. إنه كاتب المظلومية العامة، ووسيط بين المواطن البسيط والقرار الأعلى. ولأن أدوات التعبير كثيرة، فللصحفي أن يختار منها ما يشاء: خبرًا، مقالًا، تقريرًا، أو حتى رواية رمزية. وكما فعل ذات يوم أحد أدباء الأمة، حين لجأ إلى عالم "الحيونات" ليروي، برمزية مدهشة، قصصًا نقدية تطال السلطة وأخطائها، دون أن يُمسّ مباشرة من بطش الحاكم أو غضب المسؤول. في أوضاع كأوضاعنا، قد يصبح "الخيال الصحفي" هو الأنسب لنقل معاناة الناس. وصفٌ ذاتي قد يبدو شخصيًا، لكنه في الحقيقة يعكس واقعًا عامًا يشترك في آلامه الملايين. إنه وطن لم يعد يتسع حتى للأمل، وطن يرزح تحت تداعيات درامية قاسية، ومشهد سياسي قاتم، تهيمن عليه قرارات لا تنتمي إلى روح الوطن ولا طموحات المواطن. نحن نعيش واقعًا لم يترك لنا سوى الكتابة المبطنة، والكلمة المغلّفة بالرمز، والنقد الملفوف في غلاف من الحذر. لقد أصبح أصحاب القرار ممعنين في جلد ذات الوطن والمواطن، ماضين في نزع ما تبقى من القدرات والإمكانيات، دون أن يتيحوا مساحة لبارقة أمل أو نافذة تطل على غد مختلف. وفي هذا السياق، تصبح الكتابة الرمزية ضرورة، ويصبح الخيال الصحفي فناً من فنون البقاء، ووسيلة لقول ما لا يُقال، والتعبير عن ما لا يُسمح بتسميته صراحة. فهل نكتب لنبقى؟ أم نبقى لنكتب...؟