7/8/2025 3:43:11 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
طه العامري
ورقة فكرية: انقلاب الوعي في المجتمعات العربية – الجذور، الأدوات، والنتائج..لطه العامري.
7/7/2025
ورقة فكرية: انقلاب الوعي في المجتمعات العربية – الجذور، الأدوات، والنتائج..لطه العامري. كتب : طه العامري أولًا: مقدمة تواجه الأمة العربية، منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، واحدة من أخطر التحولات التي لم تُدرَك طبيعتها الكاملة بعد: انقلاب شامل في الوعي الجمعي. لم يكن هذا التحول ناتجًا عن تفاعل داخلي طبيعي، بل جاء بفعل عوامل خارجية منظمة، أدارتها أجهزة استخباراتية غربية (MI6، CIA، الموساد) عبر أدوات ناعمة ووسائل تغلغلت بذكاء في المجتمعات العربية تحت غطاء الديمقراطية والحرية والانفتاح والعولمة. ثانيًا: إشكالية الورقة هل ما تعانيه المجتمعات العربية اليوم من فوضى وهشاشة وتفكك ناتج عن عوامل داخلية بحتة، أم أنه نتاج انقلاب ممنهج على بنية الوعي العربي استُخدمت فيه أدوات خارجية وأذرع داخلية، استهدفت تفكيك الهوية الوطنية ونسف الثوابت القومية، عبر مشاريع ناعمة اختبأت خلف شعارات الحداثة؟ ثالثًا: خلفية التحول – الجذور العميقة شهدت الفترة الممتدة من 1990م إلى 2010م تسارعًا في المتغيرات البنيوية التي طالت المجتمعات العربية، ويمكن تلخيص أبرز الجذور كما يلي: نشر ثقافة الانفتاح الليبرالي دون بنية مؤسسية متماسكة تحمي المجتمعات. فرض سياسات البنك والصندوق الدوليين التي أربكت الاقتصاديات الوطنية. دور "الدول المانحة" في توجيه السياسات الاقتصادية والاجتماعية. نشوء منظمات مجتمع مدني خارج السياق الوطني، موالية لأجندات خارجية. تبنّي سياسات الاحتواء المزدوج التي أبقت المعارضة والأنظمة في دائرة صراع عقيم. رابعًا: أدوات الانقلاب الناعم في الوعي 1. الشعارات الجذّابة ديمقراطية، حريات، تعددية، حقوق إنسان... كلها شعارات مبررة ظاهريًا، لكنها كانت مداخل لتفكيك منظومات القيم الوطنية والدينية. 2. العولمة الاقتصادية فُتحت الأسواق أمام منتجات أجنبية لا تخضع لأي التزامات، بينما تُركت الرأسمالية الوطنية تواجه مصيرها دون حماية أو دعم. 3. تفتيت المجتمع طبقيًا تحول المجتمع العربي إلى "ترويكات طبقية" جديدة، تكرّس الاستهلاك وتُضعف الحس الوطني، وتخلق حالة من الاستلاب والارتهان الثقافي. 4. إعادة تعريف الهوية الوطنية تم تجزئة الهوية إلى هويات طائفية ومناطقية ومصلحية، وغيّبت الهوية الجامعة لصالح انتماءات جزئية. خامسًا: تجليات الانقلاب في الواقع العربي يمكن رصد آثار هذا الانقلاب في عدد من الساحات العربية، مثل: العراق: تفكك طائفي، وتداخل الاحتلال مع الفساد. سوريا وليبيا: انهيار الدولة تحت ضغط الصراع الداخلي والدولي. اليمن: حرب أهلية ممتدة وتمزق سياسي واجتماعي. لبنان: انقسام طائفي متجذر وانهيار اقتصادي. فلسطين: انقسام داخلي حتى في مواجهة الاحتلال، ووصول البعض إلى التعاون مع العدو ضد المقاومة. سادسًا: النتائج الكارثية استلاب كامل للوعي الوطني، واستبداله بحس فردي مصلحي. فقدان الثقة بين الأنظمة والمعارضة وتحول العلاقة إلى صراع انتقامي. تشرذم الغالبية الشعبية، وتيهها في زحام الأزمات وانعدام القدرة على توحيد المواقف. نجاح المشروع الخارجي في تمزيق النسيج الاجتماعي والهوية الجامعة. سابعًا: خاتمة إن السقوط عبر انقلاب الوعي أخطر بكثير من السقوط العسكري أو السياسي، لأنه سقوط في البنية العميقة للعقل العربي، وهو ما يجعل استعادته أكثر تعقيدًا. فقد خسر العرب معركتهم في ميدان الأفكار، لا فقط في ميادين الحروب. ثامنًا: توصيات ورؤية مستقبلية 1. إعادة بناء الهوية الوطنية الجامعة كمشروع ثقافي ومجتمعي جامع. 2. استعادة دور التعليم والإعلام في ترسيخ الوعي الذاتي النقدي. 3. رفض التبعية الفكرية والانخراط الأعمى في مشاريع خارجية. 4. بناء مشروع نهضوي داخلي يوازن بين الانفتاح وحماية الذات. 5. تقوية القطاع الخاص الوطني وتمكينه من مواجهة تحديات الاقتصاد المعولم. 6. إعادة تعريف العلاقة بين النظام والمعارضة على أسس وطنية لا ثأرية. خلاصة: ما يجري في الوطن العربي ليس أزمة طارئة، بل نتاج انقلاب استراتيجي طويل المدى في بنية الوعي الجمعي. وإذا لم يتم الاعتراف بهذا الانقلاب ومعالجته، فإن الأوطان ستبقى تدور في حلقة مفرغة من الفوضى والتشظي والانهيار.