7/15/2025 10:46:18 AM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
أصيل ناجي
خبز الفقراء.. ضمير غائب في مزاد الساسة بقلم: أصيل ناجي
7/9/2025
9 / 7 / 2025م في تلك الأوطان التي أنهكتها الحروب، وتتسلّل إلى روحها الخيبات، لا ينهار الحلم وحده، بل حتى خبز الفقراء يصبح ضميرًا غائبًا في مزاد الساسة؛ فلصوص الوطن لم يكتفوا باحتكار المناصب، واختلاس المال العام فحسب، بل مضوا إلى ما هو أقدس: فباعوا خبز الوطن بثمنٍ بخس، وسرقوا الأمل من قلوب الفقراء. نعم، باعوه وهم يعلمون أن هذا الرغيف ليس مجرد دقيق وماء، بل حق الجائع، وعرق الفلاح، ودم الشهداء الذين سقطوا ليحيا الوطن، لا ليتخم المتخمون. باعوه كما يُباع الحطب اليابس في مواسم المطر، في وقتٍ لا تُشعل فيه نار ولا يُنتظر دفء. باعوه بلا خجل، بلا وفاء، بلا أدنى شعور بالذنب تجاه الجياع الذين ينتظرون لقمة شريفة تحفظ ماء وجوههم. فالخبز في معناه البسيط هو الحياة، وفي معناه العميق هو الكرامة. لكنهم اختاروا أن يساوموا عليه، أن يجعلوه سلعة تخضع لمزاج السوق ومصالح الساسة، حتى غدا المواطن لا يبحث عن حقّه، بل عن وساطة توصله إلى الرغيف. باعوه وهم يعلمون أن هذه اللقمة المسروقة تحمل معها وجع الملايين، تعب الأمهات، دموع الآباء، صبر الأرامل، وأنين البطون الفارغة. لكنهم لا يسمعون، لأن المال يصمّ، والسلطة تعمي، والكرسي يُفسد حتى أدقّ المشاعر الإنسانية. باعه لصوص الوطن كما يُباع الغبار في سوقٍ لا يعرف للكرامة ميزانًا. يتحدثون بلغة القوانين، بينما ينهبون الثروات، ويحتكرون السلطة باسم "المصلحة الوطنية". إنهم أولئك الذين حوّلوا المناصب إلى غنائم، والمؤسسات إلى مزارع عائلية، والوطن إلى بقرة حلوب. لا يرتجف ضميرهم حين يرى الجائعين يتساقطون على الأرصفة، ولا تهتزّ قلوبهم أمام دموع الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن دفاعًا عن وطنٍ ينهشه الفساد من الداخل. إنهم متخمون بالخيانة، يبيعون ما تبقى من الكرامة مقابل حفنة من الدولارات، أو وعدٍ بالبقاء في السلطة. فالوطن ليس حقيبة يحملونها في مؤتمراتهم، ولا شعارًا يتاجرون به في خطاباتهم. الوطن هو الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء، والطفل الذي يحلم بمقعدٍ دراسي، والشيخ الذي ينتظر راتبه المتأخر منذ شهور. والمؤلم أن اللصّ الحقيقي لا يختبئ في الظل، بل يعتلي المنابر، ويُكرَّم في الاحتفالات، ويُصفَّق له من قِبل الجهلة والمنافقين. لكن، رغم كل شيء، سيأتي اليوم الذي يُكشف فيه الستار، وتُرفع الأقنعة، ويعرف الشعب أسماء من باعوا لقمة عيشه بثمنٍ بخس. لأن صوت الحقيقة، وإن تأخر، لا يموت... والشعوب، مهما جاعت، لا تنسى.