9/3/2025 10:46:57 AM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
طه العامري
"كذابون ـ يقتلوننا أكثر من الأعاصير!"
8/23/2025
"كذابون ـ يقتلوننا أكثر من الأعاصير!" بقلم/طه العامري أعناق مشرئبة تبحث عن أشعة فجر في فضاء تلبده غيوم الأزمات وسحب القهر، أجساد محنية تزحف نحو بوابة الأمل المغلقة بالأسلاك الشائكة ومسيجة بحراب الموت، وثعابين الغدر الملونة تتشكل حسب تضاريس الجغرافية…! يصدح صوت قارئ القرآن من "ميكرفون الجامع" بقوله تعالى: "ازفة الأزفة ليس لها من دون الله كاشفة"…! تبتعد قليلاً، يأتيك صوت المذيع عبر الأثير: "بنشرة الأرصاد الجوية محذرًا من منخفض جوي يتخلله رعد وبرق وانعدام الرؤية، وينبه المواطنين إلى التأني وإشعال لمبات الضباب لأن تدني الرؤية يؤدي لحوادث قاتلة…!" ثمة "سيدة" تحتل مكانها في زاوية جانبية من السوق، أمامها تنتصب "تنكة" وعليها "إناء من القش" فيه "ملوج منزلي" وإناء آخر فيه "لحوح". ما أن سمعت تحذيرات الأرصاد عبر إذاعة البلد، حتى خاطبت الواقف أمامها بكثير من السخرية والتهكم قائلة"شلوهم الجن، لو فيهم خير كانوا حذرونا من طقس السياسين وانعدام رؤيتهم، ومن خطورة رعدهم وبرقهم وطوفانهم القاتل. أما ما يأتي من الله، فله الحمد والشكر، فهو لطيف بعباده وأحن عليهم من أمهاتهم. إنه الغفور الرحيم، والساتر الحليم، ولا خوف على البشر من رب البشر، بل الخوف على البشر من بعض البشر الذين لا يرحمون ولا يعرفون الرحمة…!" كلمات نطقتها بائعة "اللحوح والملوج" المدثرة بالطرحة الصنعانية المميزة، قطعا لم تكن "نوال السعداوي" ولا "سعاد الصباح" ولا "رؤفة حسن" ولا "رمزية الأرياني" ولا "عزيزة عبد الله" ولا "نادين الماوري" بل كانت سيدة يمنية بسيطة عركتها الحياة. عاشت أهوال حصار السبعين يومًا وهي طفلة في العاشرة، وشاهدت يمنيين يقتلون بعضهم في "جرب حزيز" وشاهدت من بادل بندقيته بـ"فطبرة جحين" ومن بادل صندوق ذخيرة بعلبة "سجائر كليوباترا"! بحرقة، دعت على الكل وتمنت من الله، وابتهلت إليه بصوت حزين مجبول بكل "حشرجة القهر"، أن يخسف بهم، مؤكدة أن جميعهم "كذابين"، وهم أخطر من المنخفض الجوي، وتمنت لو أن أصحاب الأرصاد يحذروا الشعب كل صباح من السياسيين اللصوص والفاسدين والقتلة الذين قتلوا الشعب وضحوا بالشباب ونهبوا الشيوخ، وأرملوا النسوان، واثكلوا الأمهات…! لم أدري حقًا كيف أتصرف، وهي تقول: "سجل صوتي ووصلّه لكل الدنيا، وصلّه لكل هؤلاء "الكذابين" الذين يكذبون على الله وعلى الرسول وعلى الشعب والوطن والثورة والجمهورية والوحدة… وكلهم كذابون، لا تصدق أبداً…!" تمنيت لو أنني حملت معي "آلة تسجيل" لسجلت كل كلمة قالتها، ونسيت فعليًا أن "الهاتف يسجل" إلا بعد أن غادرتها. لقد أربكني كلامها، وقوة منطقها، وصراحتها، والأهم شجاعتها وثقتها بنفسها…! وبعد أن غادرتها، تذكرت إيقونة الحرية "غزال المقدشية" وكلماتها: "سوي سوي يا عباد الله متساوية، محد ولد حرة والثاني ولد جارية"…! وتذكرت "الذبحانية، واليافعية، والشرعبية، والتهامية، وبلقيس وأروى، ونساء عرفهن تاريخ وطني كانت الواحدة منهن تساوي مائة رجل…" حسبي الله ونعم الوكيل.