أجراس نيوز

10/19/2025 12:21:38 AM

موقع إخباري مستقل - منوع

رئيس التحرير : ايوب التميمي

16

«لا فناء لثائر».. أصوات من قلب النار تكتب ما عجزت الكاميرات عن التقاطها..


«لا فناء لثائر».. أصوات من قلب النار تكتب ما عجزت الكاميرات عن التقاطها..

السبت ـ 18 اكتوبر ـ 2025م
خاص -أجراس-اليمن 
في وقتٍ تتواصل فيه الإبادة على مرأى ومسمع العالم منذ عامين، وتتحول غزة إلى بيوت عزاء مفتوحة، يوثّق 100 كاتب وفنان فلسطيني يوميات الحرب والنزوح في مؤلَّف فريد يحمل عنوان «استعادات مقلقة؛ يوميات غزة»، محرَّر من قبل الكاتب عاطف أبو سيف، ليقدّم رواية جماعية للحياة تحت القصف والحصار.

الكتاب، الصادر بالفرنسية، يقدّم تجربة إنسانية نادرة، تجمع بين الشهادة المباشرة والتأمل الأدبي والخيال، ليكشف عن ملامح الحياة اليومية في غزة بعيدًا عن عدسات الإعلام وأرقام الضحايا.
لا يكتفي المؤلَّف بنقل مشاهد الحرب، بل يصحب القارئ إلى قلبها، حيث تُكتب النصوص تحت القصف، في لحظاتٍ حقيقية لا يمكن التقاطها إلا من الداخل، لتصير كل صفحة نافذة على أرضٍ تحاول الحياة رغم الموت.

من أبرز القضايا التي يتناولها الكتاب النزوح القسري وفقدان الهوية، إذ توثق النصوص معاناة الانتقال من حيٍّ إلى آخر أو من شمال القطاع إلى جنوبه، في رحلةٍ لا تعني النجاة بالضرورة. ويصف أحد الكتّاب تجربته قائلاً: "أجهّز نفسي لأنزح من هذه الخيمة أيضًا، ربما نزحتُ بعدد أصحاب المعلقات العشر..."
في تعبيرٍ أدبي يجمع بين الوجع والذاكرة والهوية.
ويبرز الكتاب الفارق بين مشاهدة الحرب من بعيد وعيشها من الداخل؛ فالكلمات تكشف ما لا تقوله الصور: فزع النفوس، الفقدان، لحظات التضامن البشري، والبحث عن الحياة وسط الركام.
ويجمع المؤلَّف بين ثلاثة مستويات لغوية: الواقعية، الشاعرية، والفانتازيا، ليقدم نصوصًا ثريةً وصادقة تعكس صمود المجتمع الفلسطيني بكل تفاصيله.

الكتابة هنا فعل مقاومة، إذ تحوّلت إلى وسيلةٍ لحماية الذاكرة الجماعية ومواجهة محاولات المحو. بعض المشاركين، مثل أحمد الكحلوت وهبة أبو ندى ورفعت العرعير، استشهدوا بعد كتابة نصوصهم، لتتحول كلماتهم إلى شواهد خالدة على الوجود والمقاومة.

بهذا المزج بين الأدب والتاريخ والشهادة الإنسانية، يشكّل «استعادات مقلقة» مرجعًا ثقافيًا وأدبيًا يقدّم غزة كما رآها أهلها، لا كما اختزلتها نشرات الأخبار.