6/2/2025 12:08:06 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
23
"المعطف المسروق.. شهادة على خيانة العدالة والضمير!!
"المعطف المسروق.. شهادة على خيانة العدالة والضمير!! السبت 31 مايو ـ 2025م مقالات أجراس- اليمن بقلم: أيوب التميمي في كل عصر، تبقى هناك شخصيات منسيّة تعيش في الظل، وتموت في صمت، لا يلتفت إليها أحد، ولا تُحدث جلبة حين ترحل. نيكولاي غوغول، في رائعته "المعطف"، قدّم لنا نموذجًا خالدًا لهذا الإنسان الذي يُسحق تحت عجلات البيروقراطية، وتُنهك روحه في معارك لا تُروى، لأنه ببساطة… ليس من "المهمّين". حين قال دوستويفسكي: "كلنا خرجنا من معطف غوغول"، لم يكن يبالغ، بل كان يشير إلى تلك الشعلة التي أوقدها غوغول في الأدب الروسي، حين سلّط الضوء على المهمّشين وحرّك ضمير القرّاء نحو وجوهٍ لا يراها أحد، وجعل من الحبر مرآةً للوجع الإنساني المستتر خلف الجدران. "المعطف" لم يكن مجرد قصة قصيرة، بل بيانًا إنسانيًا صادمًا عن واقع الفقراء، عن هشاشة الكرامة في وجه السخرية، عن الحق الذي لا يُسترجع إلا بالواسطة والذل. أكاكي أكاكيفيتش، بطل القصة، لم يكن بطلاً تقليديًا، بل كان شبحًا يتجوّل في شوارع المدينة، موظفًا بسيطًا ينسخ الأوراق، يعيش في الهامش، يضع رأسه بين الدفاتر والملفات كأنما يبحث عن معنى وجوده وسط حبرٍ لا يروي ظمأ الروح. هذا العالم الذي ظنّه مأواه، كان هشًّا؛ انهار أمام أبسط رغبة: امتلاك معطفٍ جديد يدفئ عظامه في ليالي الشتاء. وما إن امتلكه حتى شعر أن الدفء قد استعاد له شيئًا من إنسانيته. لكن هذا الحلم الصغير لم يطل؛ سُرق المعطف، وسُرقت معه كرامته، وكأن لصًا انتزع من قلبه آخر شمعة أملٍ في العدل. بدأت رحلته العبثية في البحث عن حقه، لكن النهاية كانت إذلالًا، مرضًا، وموتًا في صمتٍ يشبه صمت الأوراق التي ظلّ ينسخها عمره كله. المؤلم في القصة ليس فقط ما حدث لأكاكي، بل ما لم يحدث من أجله. لم يدافع عنه أحد، لم يشعر به أحد، لم يغضب أحدٌ لموته. حتى الشرطة كانت تراه هامشًا في دفتر شكاوى، والأغنياء كانوا أشد قسوة من السارق نفسه. وحين حاول أخيرًا أن يرفع صوته، سحقته السلطة تحت أقدامها، كمن يطرد ذبابةً من على كتفه، فقط لأنه كان بلا سند، ولا واسطة، ولا قبيلة. لقد أراد غوغول أن يقول لنا، بمرارةٍ شجية، إن الفقر لا يجرّد الإنسان من ماله فقط، بل يسرق من قلبه إحساسه بقيمته. إنه يسلبه حقه في الاحترام، في الأمان، في أن يكون إنسانًا يُرى. الفقير في هذا العالم يظل دائمًا مجرد ظلٍّ في مسرحية يكتبها الأغنياء، وإن حاول أن ينهض من ظله، وجد سيف السلطة مسلطًا فوق رأسه، كأن صوته دخانٌ يتلاشى في الريح. قصة "المعطف" تُعيد إلينا أسئلةً موجعة، لا تزال تحاصرنا: لماذا نعامل الفقير ككائنٍ أقل شأنًا؟ لماذا تتحوّل الشفقة أحيانًا إلى سلوكٍ يزيده ضعفًا بدل أن يرفعه؟ ولماذا، في مجتمعاتٍ كثيرة، لا تُسترد الحقوق إلا عبر الأبواب الخلفية، أو بمفاتيح "الواسطة"؟ في نهاية القصة، يعود شبح أكاكي ليجوب المدينة، لا بحثًا عن معطفه فحسب، بل عن كرامته المسلوبة، كأنه يقول: "أنا هنا… أريد حقي في أن أكون إنسانًا." إنه شبح كل إنسانٍ سُحق صوته وسط الزحام، ولم يجد من يسمعه. عدالة غوغول لم تتحقق في المحاكم، بل تحققت حين صار الضحية شبحًا يلاحق جلاديه، يذكّرهم بما اقترفوه في حقه من صمتٍ ولا مبالاة. أما في اليمن، فنحن لا نقرأ "المعطف" كحكايةٍ من زمنٍ بعيد، بل نعيشه يوميًا كحقيقةٍ تحاصرنا من كل الجهات. ملايين الناس يعيشون على هامش الحياة: أمهاتٌ فقدن أولادهن تحت القصف، نازحون شُرّدوا من بيوتهم إلى خيامٍ منسية، عمالٌ أنهكهم العرق في مهنٍ شاقة مقابل أجورٍ بالكاد تكفيهم ثمن الرغيف. هؤلاء هم "أكاكي" العصر، يُهانون في صمت، يُسلبون كرامتهم، تُنهب أحلامهم في وضح النهار. في كل شارع، ترى من يمد يده في خجلٍ وكأنما يعتذر من الهواء. ترى الطفل يبيع المناديل عند الإشارات، ترى المرأة تحتضن رضيعها على الرصيف، تنتظر صدقةً قد لا تأتي. وترى العجوز الذي كان يومًا عمودًا لأسرته، صار اليوم يستجدي من يسنده، بعدما هدّته الأيام. والموجع أن الفقر هنا لا يسرق الناس من أموالهم فحسب، بل يسرق أرواحهم، يسلخ عنهم كرامتهم وإنسانيتهم. لا قانون يحميهم، ولا واسطة تنصفهم، وكأن العدالة أُغلقت أبوابها في وجوههم، وصار صوتهم مجرد صدى في وادٍ سحيق. لقد صار الفقر في اليمن بابًا للذلّ، وصار الفقير يُنظر إليه وكأنه عبء على الآخرين، لا إنسان له حقٌّ في الكرامة. وفي كثيرٍ من الأحيان، لا يجد الفقير بابًا يطرقه إلا باب الواسطة، فيضطر إلى أن يبيع ما تبقى من كبريائه ليحصل على شيءٍ من حقه. وإذا مرض، تكالبت عليه المصاريف، فلا مستشفى يرحّب به إلا إذا دفع، ولا دواء إلا إذا توسّل، ولا مساعدة إلا إذا توسّط. وإذا مات، مات في صمت، يُشيَّع كأنه رقمٌ سقط من دفتر الوطن، وتُدفن معه حقوقه وأحلامه وآماله. "المعطف" إذن، ليس حكايةً من زمنٍ مضى، بل هو مرآةٌ صافيةٌ تُري وجوهنا نحن، حيث يُطلب من الفقراء أن يشكروا على الفتات، وأن يصمتوا كي لا يُغضبوا سادة اللعبة. لكن يا صديقي، إذا كان أكاكي في قصة غوغول قد عاد شبحًا يطارد ظالميه، فإن أشباح فقرائنا في اليمن لا تجد حتى من يخافها، إذ تعود لتنام في صمتٍ تحت سقف الحاجة، وكأنها تقول"نحن هنا… وإن تجاهلتمونا." إن فقراء اليمن لا يريدون سوى كرامةٍ تُحترم، وحقوقٍ تُسترد، وعدالةٍ تُطبق على الجميع دون تمييز.. إنهم لا يريدون أن يكونوا أبطالًا في قصص الشرعية أو بطولات الصمود ،بل بشرًا لهم حقٌّ في الحياة. فلنتذكّر دومًا أن الذين يعيشون في الظل قد يرحلون في صمت، لكن صمتهم هو العار الأكبر الذي يلاحقنا نحن… أولئك الذين نملك الحقوق والسلطة والنفوذ. في الأخير: شكرًا لصديقي وأخي صلاح السامعي الذي دلّني على قراءة "المعطف" لغوغول؛ فلعلنا نتعلّم منه أن الإنسان أيّ إنسان، له ظلّ، حتى وإن لم يره أحد.
قد يهمك ايضاً
دعوة الفريق السامعي لفتح طريق الشريجة - كرش - عدن تثير تفاعلًا واسعًا ضمن جهود المصالحة الوطنية .. تفاصيل اكثر))
حين يصير النهب قانونًا...حكاية لعنة فوق تعز الحوبان..!!
عاجل...الفريق السامعي يؤكد ضرورة فتح طريق الشريجة – كرش – عدن ويصفه بالواجب الإنساني والوطني
تحالف القاهرة-بكين: إعادة تشكيل موازين القوى أم مبالغة إعلامية؟
عاجل..بعد تصريحاته الأخيرة..تحذير روسي لترامب: اللعب بالنار يقود للحرب..!!
تصاعد التوتر بين مصر وإسرائيل وسط تحركات عسكرية غير مسبوقة في سيناء.. تفاصيل مثيرة))
علماء يطورون خلايا عصبية اصطناعية "تفكر بنفسها" تفاصيل مثيرة للغاية))
فيما كانوا صف وأحد ضد الأمويين...الصراعات الدامية بين أبناء العم..أشهر المعارك بين العباسيين والعلويين.. تفاصيل مثيرة!!
العامري "قالوا عنه خائن لأنه فضح الفساد.. بأي منطق؟
شخصية سياسية تكشف عن مبادرة وطنية للدفع بالحوار بين كافة الأطراف المتصارعة في اليمن