أجراس نيوز

11/10/2025 12:34:19 AM

موقع إخباري مستقل - منوع

رئيس التحرير : ايوب التميمي

14

زهران ممداني: السياسي المحيّر بين صلاة الفجر ومسيرات «الريمبو» تفاصيل اكثر عنه))



زهران ممداني: السياسي المحيّر بين صلاة الفجر ومسيرات «الريمبو» تفاصيل اكثر عنه))


تقارير// أجراس- اليمن-الاخباري//
في مشهد سياسي أميركي سريع التغيّر، برز اسم زهران ممداني كشخصيّة تستحق التوقف عندها. يأتي هذا السياسي الشاب بدمج غير مألوف: مسلم يمارس الصلاة، يساري ديمقراطي الاشتراكية، ناشط في قضايا العدالة الاجتماعية، ومرشح ـ بل منتخب ـ لـ منصب عمدة أكبر مدينة أميركيّة، مدينة نيويورك. لكن ما وراء العنوان والرمزية؟ من هو زهران ممداني؟ ما مواقفه؟ لماذا يمكن أن يُقال إنه “محيّر”؟ إليكم تقريراً متكاملاً.

النشأة والخلفيّة

وُلد ممداني عام 1991 في العاصمة الأوغندية كمبالا، لعائلة من أصول جنوب آسيوية (هندية). 

في سن مبكرة انتقلت العائلة أولاً إلى مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا، ثم إلى نيويورك بالولايات المتحدة حين بلغ السابعة من عمره. 

من أسرته: والده محمود ممداني، أكاديمي (أستاذ علوم سياسية بجامعة كولومبيا) من أصل هندي-أوغندي.  ووالدته المخرجة السينمائية الشهيرة ميرا ناير. 

حصل على الجنسية الأميركية عام 2018. 


هذه الخلفية المتنوّعة — أوغندا، جنوب أفريقيا، الهند، الولايات المتحدة — شكّلت ممداني شخصيّة متعددة الأبعاد: مهاجر، مسلم، يساري، أميركي.

(المسيرة السياسيّة)

بدأ ممداني دخوله الى الساحة السياسية فعلياً بانتخابات لعضوية مجلس ولاية نيويورك. 

ترشّح لمنصب عمدة نيويورك لائحة الحزب الديمقراطي، وحقّق نجاحاً لافتاً. 

فيما يُروّج له بأنه “أول مسلم” يتولّى منصب عمدة نيويورك، تُعدّ هذه خطوة رمزية ذات دلالة، في مدينة ذات تنوّع سكاني كبير. 

(المواقف والبرنامج السياسي)

ممداني يُعرّف نفسه بوضوح ضمن التيار التقدّمي – الاشتراكي الديمقراطي داخل الحزب الديمقراطي، ويدعو إلى إصلاحات اجتماعية واقتصادية: مثل رفع الحد الأدنى للأجور، تجميد الإيجارات، تقديم خدمات النقل العام مجاناً أو بتكلفة منخفضة. 

أيضاً، من ملف مميزاته مواقف قوية في قضية فلسطين: إذ وصف ما يحصل في قطاع غزة بأنه “إبادة جماعية” بحسب تصريحاته، وطالب بوقف التمويل العسكري الأميركي لإسرائيل، وعلّق بشكل حاد على لوبيات دعم إسرائيل داخل الولايات المتحدة. 

في الوقت نفسه، يُشيد بدعم الأصوليات الديمقراطية: دعم حقوق مجتمع LGBTQ، حقوق المهاجرين، العدالة العرقية، الأمر الذي يجعله متقدم نحو جيل جديد من السياسة الأميركية. 

(لماذا يُعدّ “محيراً”؟)

1. التنوّع الهوياتي: مسلم من أصول هندية-أفريقية، يعيش في مدينة أميركية عملاقة — هذا التركيب غير المعتاد في السياسة الأميركية جعل شخصيته محط أنظار.


2. المآخذ والمصاعب: مواقفه من إسرائيل والقضية الفلسطينية أثارت جدلاً واسعاً، بما في ذلك اتهامات بـ “معاداة السامية” موجهة إليه من معارضيه. 


3. تحدّي النظام التقليدي: برنامجه التقدّمي يطرح إصلاحات جذرية في واحدة من أغلى مدن الولايات المتحدة من حيث السكن والعيش، ما يجعله ضد مصالح قوية.


4. الصلاة والمشاركة في مسيرات “الريمبو”: هو مثلاً يجمع بين الانتماء الديني (يصلي الفجر) والمشاركة في مسيرات قوس قزح وحقوق المثليين، ما يُظهر تجانياً بين ما يراه البعض “تقليدياً” و”تقدّمي”.


5. الرمزية العالمية: نجاحه يُنظر إليه في العالم العربي كرمز للمهاجر المسلم الذي اقتحم مراكز القرار في الغرب، وهذا يضفي عليه أبعاداً تتجاوز السياق المحلي الأميركي. 

(ما الذي أمامه؟ التحدّيات والآفاق)

لديه مهمة ضخمة: مدينة نيويورك تضم نحو 8.5 ملايين نسمة، وميزانيّتها تقدر بالمئات مليارات الدولارات، وتواجه أزمات: عقارات، إيجارات مرتفعة، نظام نقل عام ضاغط، فجوات اجتماعية واقتصادية كبيرة. 

هل سيتمكّن من تطبيق برنامجه الطموح؟ تجميد الإيجارات، نقل مجاني، رفع الضرائب على الشركات الكبرى… كلها خطوات تحتاج توافقاً سياسياً ومصالح ضخمة.

مدى تأثير مواقفه من السياسة الخارجية (مثل موقفه من إسرائيل) على علاقته بالمؤسسات في مدينة نيويورك، ودعم اللوبيات الماليّة والاقتصاديّة.

الحفاظ على التوازن بين رمزيته الشديدة (كمثال عالمي) وبين الواقع المحلي لمدينة معقدة سياسياً واجتماعياً.


زهران ممداني ليس مجرد اسم في سباق انتخابي، بل هو ظاهرة تُظهر كيف تتغيّر معالم السياسة الأميركية: من خلفيات مهاجرة، من هوية دينية لم تكن في السابق نموذجاً للقيادة، من خطاب يساري تقدّمي في قلب «عاصمة رأسمالية». هو يجمع بين الانتماء الديني والمشاركة في التنويع الاجتماعي، بين العدالة الاقتصادية والدفاع عن الأقليات والقضايا العالمية. لكنّ السؤال بقي: هل سيثبت أن هذا المزج ليس مجرد رمزية، بل قدرة على إدارة وتغيير؟ الإجابة ستكون في ما يحدث داخل نيويورك في الأشهر القادمة.