محمد العامري يحذر: دمج الجمارك والضرائب: خيار محفوف بالمخاطر يهدد الكفاءة والسيادة المؤسسية.

9/3/2025 9:51:02 AM

موقع إخباري مستقل - منوع

رئيس التحرير : ايوب التميمي

163

محمد العامري يحذر: دمج الجمارك والضرائب: خيار محفوف بالمخاطر يهدد الكفاءة والسيادة المؤسسية.

محمد العامري يحذر: دمج الجمارك والضرائب: خيار محفوف بالمخاطر يهدد الكفاءة والسيادة المؤسسية.
الثلاثاء 10 يونيو ـ2025م
مقالات أجراس- اليمن 
بقلم/محمد عبدالوهاب العامري
نائب مدير المنافست
مكتب جمارك ورقابة صنعاء

بالنظر إلى المقترحات المطروحة بشأن دمج مصلحتي الجمارك والضرائب في كيان إداري موحد، يتضح أن هذه الفكرة تفتقر إلى الأسس المؤسسية والفنية اللازمة لنجاحها، كما تنطوي على مخاطر محتملة قد تؤثر سلبًا على كفاءة العمل المؤسسي واستقرار الأداء المالي والإداري في الدولة. وفيما يلي عرض موجز لأبرز الإشكاليات المرتبطة بهذا التوجه:

أولاً: تعارض الاختصاصات واختلاف الطبيعة المؤسسية

تقوم مصلحة الجمارك بدور سيادي رقابي معني بإدارة المنافذ الحدودية، ومراقبة حركة السلع والبضائع، وضبط التهريب، والتنسيق مع الجهات الأمنية والصحية والبيئية، إلى جانب تحصيل الرسوم الجمركية، في المقابل، تركز مصلحة الضرائب على الجوانب المحاسبية الداخلية المتعلقة بتتبع الإيرادات ومحاسبة المكلفين وفق التشريعات الضريبية، هذا التباين الجوهري في المهام يخلق فجوة بنيوية تعيق إمكانية الدمج الفعَّال بين الجهازين.

ثانيًا: ضعف الكفاءة التشغيلية وفقدان التخصص

الدمج بين جهازين ذوي طبيعة وظيفية متباينة قد يؤدي إلى إضعاف التخصص الفني، ويعرقل آليات العمل الفني الميداني، لا سيما في ما يتعلق بالتفتيش الجمركي والتعامل مع النظم الجمركية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، كما أن ضم كادر جمركي متخصص إلى هيكل ضريبي إداري قد يؤدي إلى فقدان الهوية المؤسسية، ويخلق شعورًا بالاغتراب الوظيفي، مما ينعكس سلبًا على مستوى الالتزام المهني والأداء العام.

ثالثًا: تعقيد الإجراءات وارتفاع التكاليف

بدلاً من تبسيط الإجراءات كما يُروج، قد يؤدي الدمج إلى تعقيدها بفعل تداخل الصلاحيات، وتعدد المرجعيات التنظيمية، وصعوبة توزيع المهام والمسؤوليات داخل الكيان الموحد، وهو ما ينعكس بزيادة التكاليف التشغيلية والإدارية، وتراجع مستوى الخدمة المقدمة للقطاع الخاص والمواطنين.

رابعًا: مخاطر على الاقتصاد والاستثمار والتجارة

الضعف المحتمل في الإدارة والرقابة الناتج عن هذا الدمج قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفساد، وصعوبة تطبيق القوانين والأنظمة ذات الصلة، مما يؤثر سلبًا على البيئة الاستثمارية، ويضعف قدرة الدولة على جذب رؤوس الأموال، ويضر بسلاسة التجارة عبر الحدود.

خامسًا: تحديات قانونية وتشريعية

إن تنفيذ الدمج سيتطلب تعديلات جوهرية ومعقدة في التشريعات الناظمة لكل من المصلحتين، وهو ما قد يُدخل البلاد في فراغ قانوني ويعطل العمل المؤسسي، كما أن غياب الوضوح بشأن الصلاحيات وتوزيع الأدوار في الكيان الجديد قد يؤدي إلى إرباك إداري ومؤسسي عميق.

سادسًا: تهديد الالتزامات الدولية

تمثل مصلحة الجمارك اليمنية الدولة في العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الجمركية والتجارية، وأي إضعاف لاستقلالية الجمارك أو تقليص دورها داخل الهيكل الجديد قد ينعكس سلبًا على التزامات اليمن الدولية، ويؤثر على مصداقيتها أمام الشركاء الدوليين.

فـ خلاصة القول:
إن فكرة دمج مصلحتي الجمارك والضرائب تبدو غير ناضجة من حيث المضمون المؤسسي، وغير قابلة للتطبيق العملي دون إحداث أضرار جسيمة في الأداء العام، والتماسك المؤسسي، والاستقرار الاقتصادي، إن تعزيز التنسيق والتكامل بين الجهتين من خلال آليات تعاون وهيئات تنسيقية مشتركة قد يكون أكثر نجاعة من الدمج الكامل الذي يحمل في طياته مخاطر لا يُستهان بها.