يتساءلون من الجهة المخولة؟" ازدواجية المعايير في دعوات المقاطعة.. هل تجاوزت مصلحة الجمارك صلاحياتها؟

9/3/2025 9:53:44 AM

موقع إخباري مستقل - منوع

رئيس التحرير : ايوب التميمي

75

يتساءلون من الجهة المخولة؟" ازدواجية المعايير في دعوات المقاطعة.. هل تجاوزت مصلحة الجمارك صلاحياتها؟


يتساءلون من الجهة المخولة؟" ازدواجية المعايير في دعوات المقاطعة.. هل تجاوزت مصلحة الجمارك صلاحياتها؟ 

الثلاثاء 01 يوليو ـ2025م
صنعاء – خاص – أجراس اليمن


في خطوة أثارت تساؤلات قانونية وانتقادات مهنية، أصدرت مصلحة الجمارك بلاغًا دعت فيه التجار والمستوردين والمواطنين إلى مقاطعة منتجات الألبان ومشتقاتها ومنتجات الأطفال التابعة للشركات الأمريكية والإسرائيلية، أو تلك الداعمة للكيان الصهيوني، مشددة على أهمية المقاطعة الاقتصادية كوسيلة لمناصرة الشعوب المظلومة في غزة ولبنان.

لكن هذه الدعوة، على الرغم من مضمونها الذي يلقى تجاوبًا شعبيًا واسعًا، تطرح إشكالية ازدواجية الاختصاص وتداخل الصلاحيات، حيث يُفترض أن الجهة المعنية بإصدار مثل هذه التوجيهات الاقتصادية والتجارية هي وزارة الصناعة والتجارة، الجهة الرقابية الأولى و المسؤولة قانونيًا عن تنظيم السوق، وإصدار التراخيص، ومراقبة النشاط التجاري، لا مصلحة الجمارك التي يقتصر دورها – وفق مهامها المحددة – على تنظيم عمليات الاستيراد والتخليص الجمركي وضبط التهريب.

ويقول مختصون في الشأن الاقتصادي إن هذه الدعوة، رغم رمزيتها ومضمونها الأخلاقي، تكشف عن خلل في التنسيق المؤسسي وضعف في توحيد القرار الاقتصادي والسيادي، وهو ما قد يفتح الباب أمام فوضى إدارية في إدارة الحملات الوطنية، خصوصًا تلك ذات الطابع السياسي والاقتصادي والديني.

من جهته، علّق مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة – رفض الكشف عن اسمه – قائلاً: "نحن لسنا ضد مبدأ المقاطعة، بل ندعمه كليًا، لكن إصدار التوجيهات الاقتصادية المنظمة للسوق يجب أن يكون من جهات اختصاص وفق آليات متفق عليها، وليس عبر بيانات فردية من مؤسسات ذات طابع فني كالجمارك."

وأشار المصدر إلى أن الوزارة قد سبق وإعداد خطة شاملة للمقاطعة الاقتصادية بالتنسيق مع الجهات المعنية، تشمل تحديد البدائل المحلية، وضبط السوق، وتنظيم حملات توعية، معتبراً أن "التصرف الأحادي من قبل مصلحة الجمارك يضعف تلك الجهود ويحدث إرباكًا ."

وفي هذا السياق، أوضح الدكتور نجيب القرشي، أستاذ القانون الإداري  أن "مصلحة الجمارك، بحكم قانون إنشائها ولوائحها التنظيمية، تُعنى بالرقابة على السلع الواردة إلى البلاد وضبط التهريب وتحصيل الرسوم الجمركية، وليست جهة اختصاص في إصدار توجيهات تتعلق بتنظيم السوق أو الدعوة لمقاطعة تجارية، فذلك من صميم صلاحيات وزارة الصناعة والتجارة."

وأضاف العواضي:"أي دعوة رسمية للمقاطعة، خصوصًا إذا كانت ذات طابع سياسي أو تمس علاقات الدولة الاقتصادية، يجب أن تصدر من جهة ذات طابع سيادي أو اقتصادي مختص، وتخضع لإطار مؤسسي منسق حتى لا تُفهم كمواقف فردية أو ارتجالية قد تضعف مصداقية الدولة وتخلق ارتباكًا في السوق."

وأكد العواضي أن مثل هذه البيانات، رغم أهدافها النبيلة، يجب أن تكون نتاج تنسيق مشترك بين مصلحة الجمارك ووزارة الصناعة والتجارة والجهات المعنية، بما في ذلك وزارة الخارجية والمجلس السياسي الأعلى، لضمان التوازن بين الموقف الوطني والالتزامات القانونية والدولية.

وتساءل ناشطون: هل تحولت الجمارك إلى جهة سياسية؟ وهل يجوز لمؤسسة فنية أن تتبنى مواقف استراتيجية بمعزل عن السياسات العامة للحكومة وبتجاوز للجهات المختصة؟

ويرى مراقبون أن معالجة هذه الإشكالية تبدأ بإعادة تفعيل قنوات التنسيق بين المؤسسات الحكومية، وتحديد الصلاحيات بوضوح، والتحدث بصوت واحد يعبر عن الدولة وموقفها الرسمي لا عن اجتهادات فردية، حتى لا تفقد حملات المقاطعة مصداقيتها أمام الداخل والخارج.

يُذكر أن دعوات المقاطعة للشركات الداعمة للكيان الصهيوني تحظى بتأييد شعبي واسع في اليمن منذ بدء العدوان على غزة، لكن استمرارها وفعاليتها مرتبطان بمدى احترافيتها وانضباطها ضمن أطر قانونية ومؤسسية واضحة.