إسرائيل بين غزة ودمشق: ثلاثية النار والتطبيع والحسم المؤجل.. تقرير!!

7/9/2025 2:51:19 AM

موقع إخباري مستقل - منوع

رئيس التحرير : ايوب التميمي

8

إسرائيل بين غزة ودمشق: ثلاثية النار والتطبيع والحسم المؤجل.. تقرير!!


إسرائيل بين غزة ودمشق: ثلاثية النار والتطبيع والحسم المؤجل.. تقرير!!

الثلاثاء 08 يوليو ـ 2025م
تقارير ومتابعات// أجراس- اليمن//
كتب: غازي بن صالح 
كاتب وباحث عماني..

تشهد الساحة الإسرائيلية في هذه المرحلة نقاشات معمّقة تتقاطع فيها ثلاثة ملفات استراتيجية: مستقبل الحرب على غزّة، محاولات التطبيع المتسارع مع سوريا، وتثبيت "الإنجاز" في العدوان الأخير على إيران. هذه القضايا ليست معزولة، بل مترابطة ضمن رؤية استراتيجية أشمل تهدف إلى إعادة تشكيل موقع إسرائيل في المنطقة عبر القوة الخشنة من جهة، والتطبيع السياسي من جهة أخرى.

غزة: مأزق الحسم ومخاض السيناريوهات

في غزة، ما تزال إسرائيل غير قادرة على حسم خيارها النهائي. منذ أكثر من ثمانية أشهر على اندلاع الحرب، تتجاذب دوائر صنع القرار في تل أبيب ثلاثة سيناريوهات أساسية:

1. احتلال كامل لقطاع غزة مع فرض حكم عسكري مباشر.


2. صفقة تبادل أسرى تعيد الجنود المحتجزين لدى حماس.


3. إحكام الحصار حتى الاستسلام التدريجي.

رغم أن كفّة "الصفقة" تبدو راجحة وفقًا لبعض التسريبات الإسرائيلية، إلا أن النزعة العدوانية لدى بعض وزراء الحكومة اليمينية، مثل بن غفير وسموتريتش، تفرض ضغطًا باتجاه التصعيد الكامل، وهو ما فجّر خلافات علنية مع رئيس الأركان الإسرائيلي.

حماس، من جهتها، أربكت إسرائيل برفضها الاستسلام ونجاحها في الصمود العسكري والمعنوي، وهو ما جعل الخيارات الإسرائيلية مكلفة ومعقدة. على عكس السردية التي تروج لتحميلها مسؤولية استمرار الحرب، فإن الحركة لم تُعرض عليها صيغة "هدوء مقابل هدوء"، بل عروضاً قائمة على الاستسلام لا غير.

سوريا: ملف تطبيعي مفاجئ ومبكر

رغم أن الوقائع الحالية لا توحي بقرب اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا، إلا أن الضخ الإعلامي الإسرائيلي حول هذا المسار يشي بوجود تحركات خفية على هذا الصعيد.
يبدو أن تل أبيب تحاول الاستثمار في حالة "الإدارة السورية الجديدة" بعد تراجع النفوذ الإيراني، لتقديم نفسها كعامل استقرار إقليمي، وبخاصة في ضوء اهتمام أمريكي بإغلاق جبهة سوريا ولو شكليًا.

من هنا، يتجاوز الطرح الإسرائيلي السلامَ التقليدي إلى نوع من الترتيب السياسي المرحلي، على غرار ما جرى في بعض المسارات الإبراهيمية، وهو ما يتطلب بيئة إقليمية مهيأة، وأثمانًا فلسطينية تدفع في غزة لتسهيل المرور السوري.

إيران والتوظيف السياسي للعدوان

العدوان الإسرائيلي الأخير على إيران ليس حدثًا منعزلاً، بل جزء من عملية ترويج إسرائيل لنفسها كقوة ردع إقليمية أمام واشنطن وحلفائها العرب. زيارة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر إلى واشنطن، وتحضيرات زيارة نتنياهو المرتقبة، تأتي في هذا السياق، حيث تُربط ملفات غزة وسوريا وإيران ضمن صفقة إقليمية كبرى.

صفقة كبرى أم مقامرة مفتوحة؟

ما يجري ليس مجرد تقاطع مصالح، بل عملية هندسة سياسية عميقة، تسعى من خلالها إسرائيل إلى:

استثمار نجاحاتها النسبية ضد إيران.

تحقيق مكاسب تطبيعية إضافية عبر البوابة السورية.

إنهاء ملف غزة بشروطها، عبر الإخضاع أو صفقة مؤلمة.

لكن هذه الرؤية تصطدم بجدران الواقع:

فالحرب على غزة استنزفت الجيش والمجتمع الإسرائيليين.

والبيئة الإقليمية، رغم تواطؤ البعض، ليست قادرة على تحمل سلام سوري-إسرائيلي علني في ظل مشهد المجازر في غزة.

والإدارة الأمريكية تمسك بالخيوط، لكنها تنتظر نتائج الميدان وصيغة ترضي الداخل الأمريكي.

خاتمة: كل السيناريوهات على الطاولة

التسريبات الإسرائيلية ليست كلها دعاية، رغم ما تحمله من تضليل. إن العجز عن حسم الحرب في غزة، والطموح لتوسيع دائرة التطبيع، والقلق من الجبهة الشمالية، يدفع إسرائيل إلى البحث عن مخرج مركب، يجمع بين العنف، والدبلوماسية، والصفقات، ولو على حساب دماء الفلسطينيين.

وما دامت الإدارة الأمريكية تُغدق السلاح، وتغض الطرف عن المجازر، وتنتظر ترتيبات ما بعد الحرب، فإن جميع السيناريوهات تظل واردة، من صفقة الأسرى إلى الاحتلال الكامل، ومن تسوية سورية شكلية إلى عدوان جديد في الخارج.

إنها لحظة مفصلية في تاريخ الصراع: لحظة حاسمة لإسرائيل... وأكثر كلفة لغزة.

المصدر|