12/19/2025 10:43:33 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
25
الدخان الأبيض… وبوصلة الحرب القادمة: قراءة في مآلات المشهد اليمني
الدخان الأبيض… وبوصلة الحرب القادمة: قراءة في مآلات المشهد اليمني سياسه// أجراس ـ اليمن// كتب| د.عباس عيسى في لحظة سياسية كتيمة، يطلّ الدخان الأبيض من بين شقوق المشهد اليمني؛ ليس دخان تسوية ناضجة ولا إعلان نهاية حربٍ أنهكت الجميع، بل إشارة أولى إلى أنّ مرحلة جديدة تتخلّق، وأنّ بوصلة الحرب القادمة بدأت تنحرف عن شكلها الظاهر. فبالمعلن، تبدو المواجهة القادمة موجّهة نحو الحوثيين. لكن، وبحسابات المناورة داخل “الشرعية” نفسها، تتكشّف صورة أعمق: الصراع في عمقه يتجه نحو الجنوب وقواه الصاعدة، وفي مقدمتها المجلس الانتقالي. بين هذين الاتجاهين، تتحدد خطوط المسارات المقبلة: إما السير في طريق استعادة الدولة وإجهاض الانقلاب عبر عمل جمعي صريح، أو الانزلاق نحو اصطفافات تُعيد اليمن إلى أجواء 1994، ولكن بفارق جوهري هذه المرّة؛ فالجنوب الراهن، بما راكمه من قوة ووعي وتجارب، أصبح عصيًّا على “البلع” المسار الأول: استعادة الدولة على وقع ميدان الثالث من ديسمبر يطرح المسار الأول رؤيةً تتأسس على حقيقة بسيطة: إذا كانت الشرعية جادّة في مواجهة الحوثي، فلا بد أن يعتمد خطابها السياسي والعسكري على العمل المشترك، بلا مراوغات ولا تفاهمات سرية ولا تبادل مصالح تحت الطاولة. فالقوات الجنوبية اليوم جزء رئيسي من أي معادلة عسكرية يمكنها قلب موازين الميدان، وأي إنجاز يتحقق دونها سيبقى ناقصًا ومهددًا بالارتداد. هذا المسار يقود – عمليًا – إلى ضرورة الإقرار بتسوية سياسية متوازنة، تُصاغ على وقع مخرجات الثالث من ديسمبر، أو ما يمكن وصفه بـ “مهر التسوية”: ثمنٌ سياسي يضمن إعادة بناء الدولة بصيغة لا تنتج مركزية قاهرة، ولا تلغي حق الجنوب في وضعه السياسي والإداري الجديد. فالتسوية التي تُبنى على إنجاز ميداني واضح، وعلى شراكة فعلية بين شمالٍ يسعى للتحرر من الانقلاب، وجنوبٍ يسعى لتحصين مكتسباته، ستكون أكثر صلابة، وأقل عرضة للانهيار، وأكثر قبولاً لدى الجمهورين معًا. المسار الثاني: استحضار اصطفافات 1994… لكن الجنوب تغيّر أما المسار الثاني، فهو استدعاءٌ صريح أو غير صريح لاصطفافات حرب 1994، بكل ما تحمله تلك الذاكرة من جراح. لكن المفارقة أن الجنوب لم يعد كما كان؛ الخارطة تغيرت، الوعي الشعبي اتسع، والهياكل العسكرية والأمنية باتت أكثر صلابة وتنظيمًا. لذا فإن أي محاولة لإعادته إلى ما قبل 94 ستكون مقامرة مكلفة، قد لا يخرج منها أحدٌ منتصرًا. إن إعادة إنتاج الاصطفافات القديمة لا يعني إلا شيئًا واحدًا: فتح بوابة صراع داخلي جديد، يجعل من الحوثي المستفيد الأول، ويعمّق الشروخ بين الشمال والجنوب، ويجر البلاد إلى دورة استنزاف قد تطول لسنوات. والأخطر أن هذه المواجهة – إذا انفجرت – ستتجاوز البعد السياسي، لتتحوّل إلى صراع هوياتٍ وانتماءات، وهو النوع الأكثر تدميرًا في الخارطة اليمنية المعقدة. لماذا الجنوب هو عقدة الميزان؟ الحديث عن “خارطة جنوبية محررة من ثنائي الحوثي والإصلاح” ليس ترفًا سياسيًا، بل حقيقة تفرض نفسها على كلِّ مَن يريد قراءة المستقبل. فالجنوب اليوم يمثل “عمق التحرير” الأكثر قدرة على إحداث أثر مباشر داخل الشمال. ليس لأن الجنوب يمتلك جغرافيا محررة فحسب، بل لأنه يمتلك: نموذجًا إداريًا أفضل نسبيًا من الفوضى التي يعيشها الشمال. مؤسسة أمنية متماسكة في معظم مناطقه. قبولاً شعبيًا واسعًا لأي مشروع وطني يزيح ثنائية الهيمنة الإسلاموية (حوثي–إصلاح). دعمًا إقليميًا غير خفي، وإن كان متشابكًا ومعقدًا. وعليه، فإن أي تحرير ناجح للشمال يحتاج إلى “عمقٍ جنوبي مستقر”، لا إلى جنوبٍ مرهق بالصراعات أو مستهدف من حلفاء المفترض أنه يقف معهم في المعركة. مفتاح المرحلة: تحويل الإنجاز العسكري إلى نموذج جاذب التحرر الجنوبي – مهما اتسع وتعمّق – سيظل منقوصًا إن لم يتحصّن سياسيًا ويحوّل نفسه إلى نموذج جاذب لدى ملايين الشمال. فالقوة اليوم لم تعد قوة السلاح فقط، بل قوة النموذج: نموذج إدارة عامة أكثر شفافية. نموذج أمني يفرض احترام القانون. نموذج خدماتي يقترب من تطلعات الناس. نموذج سياسي يتعامل بنديّة مع الداخل والخارج، لا بردّات فعل. إن شعور المواطن الشمالي بأن الجنوب أصبح فضاءً آمنًا ومحررًا ومستقرًا، سيجعل موجة التحرر تمتد نحو الشمال تلقائيًا، دون الحاجة إلى “حرب الهوية” أو “صراع الجغرافيا”. المرحلة القادمة: بين نارين اليمن اليوم يقف بين نارين: 1. نار التسوية الصعبة التي تتطلب شجاعة الاعتراف بالواقع الجديد، وبأن الجنوب لن يعود إلى ما قبل 2015 ولا حتى ما قبل 1994، وأن أي دولة قادمة تحتاج إلى صيغة جديدة تُبنى على الشراكة لا الهيمنة. 2. ونار الاصطفافات القديمة التي تعيد إنتاج الانقسام وتفتح جبهات داخلية لا نهاية لها، وتُبقي الحوثي اللاعب الأكثر راحة في رقعة الشطرنج. إن من يريد فعلاً إنهاء الانقلاب، عليه أن يبدأ أولاً بإنهاء ازدواجية المواقف داخل الشرعية، وتوحيد البوصلة نحو هدف واحد: بناء مشروع وطني لا يستثني الجنوب ولا يلغيه، بل يجعل منه شريكًا حقيقيًا في صياغة مستقبل البلاد. ( الطريق إلى ما بعد الدخان الأبيض) ليس الدخان الأبيض إعلان سلام، بل إعلان بدء مرحلة جديدة من التشكل. لكن هذا الدخان – مهما بدا غامضًا – يكشف حقيقة واضحة: اليمن تقف على عتبة خيارين لا ثالث لهما. إمّا بناء دولة جديدة تستوعب الجنوب وقضيته وتحمي الشمال من الانقلاب وتعيد هندسة السلطة، وإمّا إعادة تدوير الماضي بأخطائه ومآسيه، ليصبح المستقبل مجرد نسخة معدلة من 1994، ولكن هذه المرّة في بلد أكثر هشاشة وتفتتًا. وحده القرار السياسي الشجاع، والاعتراف بالوقائع الجديدة، والتخلي عن حسابات الربح السريع، هو ما يمكن أن يحوّل الدخان الأبيض من “إشارة حرب” إلى “نافذة سلام” حقيقية… ولو بعد حين. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنويه: المقال لا يعبّر عن رأي الموقع الإخباري "أجراس - اليمن" بل عن رأي كاتبه حصريًا.
قد يهمك ايضاً
الدخان الأبيض… وبوصلة الحرب القادمة: قراءة في مآلات المشهد اليمني
93 فعالية في يوم واحد… ماذا تقول تعز؟
تحذير من مسار خطير… اليمن أمام خيارات لا رابح فيها..!؟
الحصار إعلان حرب… لا أداة سياسة..!!
إيران كأداة توازن إقليمي: لماذا تختار واشنطن إدارة النفوذ بدلاً من القضاء عليه؟
تركيا: تفاهمات صامتة مع القاهرة وتل أبيب… ولعبة أكبر مع واشنطن
الماجستير للباحث محمد الصالحي بامتياز من الأكاديمية اليمنية للدراسات العليا
الماجستير للباحث محمد الصالحي بامتياز من الأكاديمية اليمنية للدراسات العليا
توضيح من وكيل محافظة شبوة المهندس مالك أحمد مساعد حسين بشأن جريمة الإعدام الميداني بحق أمين باحاج
الدكتور بن حبتور يعزّي في وفاة المجاهد غازي عوض العولقي